Topic outline

  • التعريف بالمقياس

    اللسانيات الاجتماعية أو علم الاجتماع اللغوي أو اللغويات الاجتماعية (sociolinguistique) فرع من علم اللسانيات يهتم بدراسة تأثير جميع جوانب المجتمع، ويتضمن ذلك المعايير الثقافية والتوقعات والبيئة وطريقة استخدام اللغة والآثار المترتبة على استخدام اللغة في المجتمع، وتختلف اللسانيات الاجتماعية عن علم اجتماع اللغة على تأثير المجتمع على اللغة، بينما علم اجتماع اللغة على تأثير اللغة على المجتمع، ما يدرس هذا العلم أيضا اختلاف لسن اللغة بين الجماعات التي تفصلها متغيرات اجتماعية أو اجتماعية اقتصادية، وظهرت البذور الأولى لهذا العلم مع دي سوسير عندما أكد أن اللسان مزهر اجتماعي لجماعة بشرية تتميز بخصوصيات ثقافية وحضارية معينة، وقد استقى دي سوسير هذا التصور الاجتماعي للظاهرة اللغوية من أفكار العالم الاجتماعي دور كايم، وكم ذلك الحين أصبحت اللغة ظاهرة اجتماعية كغيرها من الظواهر الأخرى؛ ونظرا للأهمية التي تحظى بها اللغة في المجتمع فقد نالت اهتمام الكثير من العلماء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، فعالجها علماء اللسان وعلماء النفس، وعلماء الأنثروبولوجيا وعلماء الجغرافيا وعلماء الاجتماع ورجال السياسة.

    وسنحاول في إطار دراستنا لمقياس علم الاجتماع اللغوي أن نتناول بالدراسة والتحليل أربع عشرة موضوعا أساسيا، هذا وتجب الاشارة   من أهم المقاييس المبرمجة في تخصص القانون على أساس أنه يدرس في الوحدة الاستكشافية وفق عروض التكوين، ولا يقتصر تدريسه فقط لطلبة الكليات الآداب واللغات بل  يدرس في العديد من الكليات ككلية علم الاجتماع.....


    • معلومات الاتصال

      أستاذ المقياس

      سارة مسعوداني

      البريد الالكتروني

      s.messaoudani@centre-univ-mila.dz

      رقم الهاتف

      0667439573

      مكان تواجد الأستاذ

      قسم :

      ايام التواجد في الكلية

      قاعة الأساتذة

      اللغة والادب العربي

       أيام الاحد والثلاثاء من الساعة 9صباحا إلة الثالثة مساءا


      • أهداف المقياس



        يهدف تدريس مقياس علم الاجتماع اللغوي إلى تكوين الطالب في مجال الدراسات اللغوية، وذلك من خلال دراسة تفصيلية لعلم الاجتماع اللغوي: بدء بتعريفه ونشأته وتحديد أهم خصائصه، ومصادره ونطاقه، وكذا الوقوف على أهم قضايا علم الاجتماع اللغوي من تعدد لغوي وازدواجية لغوية وثنائية لغوية وتخطيط لغوي وغيرها من المواضيع، ليكون قادرا في الأخير على معالجة الموضوع، وحتى إضافة جملة من النتائج والاقتراحات.

        ففي نهاية هذا المقياس سيكون الطالب قادرا على أنّ:

        أ/مستوى التذكير (المعرفة)

               يستعيد الطالب المعلومات والمعارف من الذاكرة، حيث يقوم باسترجاع وتنظيم المفاهيم اللغوية والاجتماعية وأهم المبادئ والأساسيات التي يقوم عليها هذا العلم.

        ب/ مستوى الفهم (الاستيعاب والإدراك)

               يكون للطالب القدرة على إعطاء تعريف مناسب لعلم الاجتماع اللغوي، وتحديد نطاق هذا العلم، انطلاقا مما تم الاستفادة منه أثناء شرح الدرس وفهمه.

        ج/ مستوى التطبيق:

        تطبيق المعرفة التي سيتم اكتسابها خلال الدرس واستخدامها في حل مشكلات جديدة، فالطالب عنا يصبح قادرا على توظيف مختلف المفاهيم والمعارف المتعلقة بعلم الاجتماع اللغوي.

        د/ مستوى التحليل: 

               يحلل الطالب النصوص في علم الاجتماع اللغوي، وربطها مع ما يطرح عليه من مسائل اجتماعية ولغوية؛ أي يصبح الطالب قادرا على تفكيك هذه المادة العلمية إلى أجزائها المختلفة وإدراك ما بينها من علاقات.

        ه/ مستوى التركيب:

        يحاول الطالب معرفة كيفية التفريق بين القضايا اللغوية والقضايا الاجتماعية والوقوف على أهمية هذه التفرقة، وربط كل تم التوصل إليه لتحديد أهم القضايا الاجتماعية اللغوية.

        و/ مستوى التقييم:

               يحاول الطالب على المعلومات الاجتماعية اللغوية بموجب معايير محددة واضحة، فيتم فحص كافة المعطيات الممنوحة له لتقييمها ويصبح قادرا على حل الأسئلة والقضايا المتعلقة بالمسائل اللغوية.


        • المكتسبات القبلية





          من أجل تسهيل عملية استيعاب المعلومات المقدمة في درس علم الاجتماع اللغوي يجب على الطالب ان تكون لديه خلفية حول:

          v   مفاهيم السوسيولغوية: لاسيما تلك المتعلقة باللغة واللسانيات التطبيقية وأهم مجالاتها ووصولا إلى المجتمع وأهم مكوناته .

          v   أهم القضايا التي تربط بين اللغة والمجتمع

          v   أهم المشاكل السوسيولغوية التي تعاني منها المجتمعات عموما والمجتمعات العربية خصوصا.


        • مقدمة عامة

          يمكن الحديث عن مقاربات لسانية خارجية تندرج ضمن اللسانيات العامة أو تتقابل مع اللسانيات البنيوية الشكلية، نذكر منها، على سبيل الخصوص، اللسانيات الاجتماعية، أو علم الاجتماع اللغوي، أو علم اللغة الاجتماعي، أو السوسيولسانيات، ... هي مسميات اصطلاحية مختلفة لعلم يدرس اللغة في ضوء علم الاجتماع، أو يربط الملفوظ اللغوي بسياقه التواصلي والاجتماعي والطبقي. 

          ومهما تعمقنا في الفوارق الموجودة بين اللسانيات وعلم الاجتماع اللغوي، فلانجد فرقا كبيرا بينهما؛ لأن هدفهما واحد يتمثل في ربط اللغة بوظيفتها التواصلية والسياقية، والارتباط بالسياق الاجتماعي. وأكثر من هذا تصبح اللغة حدثا اجتماعيا بامتياز. لذا، فاللسانيات، في الحقيقة، هي اللسانيات الاجتماعية، مادامت اللغة نتاجا اجتماعيا بامتياز. 

          وعليه، ترتبط اللسانيات الاجتماعية بعلم الاجتماع من جهة أولى، والإثنولسانية من جهة ثانية، وسوسيولوجية اللغة من جهة ثالثة، والجغرافيا اللسانية من جهة رابعة، وعلم اللهجات من جهة خامسة. ويعني هذا أن اللسانيات الاجتماعية تستعمل آليات علم الاجتماع وأدواته في التحليل، وربط اللغة بالسياق المجتمعي، على أساس أن اللغة نتاج اجتماعي، أو تعبير عما هو مجتمعي. 

          كما تستعين اللسانيات الاجتماعية بالإثنوغرافيا في دراسة اللغة لترابطها بالعرق والهوية والثقافة؛ مع استحضار المعيار الجغرافي في دراسة التبدلات والتغيرات والتنوع اللغوي واللهجي. 

          كما للسانيات الاجتماعية علاقة وثيقة بعلم اللهجات؛ لأنها هدفها هو المقارنة بين اللهجات واللغة المعيارية من حيث الفونيتيك (علم الأصوات) ، والفونولوجيا (علم وظائف الأصوات) ، والصرف، والتركيب، والدلالة، والسياق التداولي أو التواصلي. بل يمكن الحديث عن التخطيط اللساني الذي يهتم بمشاكل التخطيط اللغوي، وبالضبط في الدول السائرة في النمو التي لاتعرف وحدة لسانية، بالتركيز على اللغات واللهجات المعترف بها رسميا، بمراقبة تغيراتها الصوتية أو التحكم فيها. 

          إذاً، ما اللسانيات الاجتماعية؟ وما موضوعها؟ وما أهم الباحثين في هذا المجال؟ وما أهم تصوراتهم النظرية والتطبيقية؟ وما أهم التغيرات التي تدرسها اللسانيات الاجتماعية؟ وما أهداف هذا التخصص اللساني الجديد وغاياته وقيمته العلمية؟ هذا ما سوف نتناوله في موضوعنا هذا. 


        • الدرس الأول: الازدواجية اللغوية

          عناصر الدرس:

          تعريف الازدواجية اللغوية: 

          ذهب الباحثون إلى أنّ مصطلح الازدواجية هو ترجمة للمصطلح الفرنسي (Bilinguisme)، وقد اختلف الدارسون في تعريف هذا المصطلح نظرا لتداخله مع مصطلح الثّنائية اللّغويّة، إلّا أنّ كثيرا منهم يتفق على أنّ الازدواج اللّغوي هو قدرة الفرد أو الجماعة على استعمال نظامين لغويين مختلفين كاستعمال اللغة العربية واللغة الفرنسية في الجزائر، ويعرفها "عبد الباسط متول" قائلا: "يعني الازدواج اللغوي استخدام لغتين مختلفتين في وقت واحد"1[1]، ويذهب "أميل يعقوب" إلى أنّ الازدواج اللغوي هو: "وجود لغتين مختلفتي الجذر كالفرنسية والألمانية أو كالعربية والأرمينية مثلا عند مجتمع ما"2[2]، وجاء في قاموس "Le petit Rebert" أنّ الازدواجية اللّغوية هي "Personne qui parle deux de langues"3[3]؛ أي استعمال الفرد للغتين اثنتين، ويرى أندري مارتين (Andrée Martinet)أنّ الازدواجية اللّغويّة عبارة عن: "وضعية لغوية تستعمل فيها لغتان قويتان من حيث التّطور والشّيوع استعمالا متساويا"4[4]، وعليه يمكن القول أنّ الازدواجية اللّغويّة هي قدرة الفرد على استعمال نظامين لغويين مختلفين ويشترط بعضهم في هذا الاستعمال أن يكون استعمالا متساويا وشاملا لمختلف المجلات الحياتية، وإذا ما أسقطنا هذا التّعريف على الواقع اللّغوي الجزائري نجد أنّه ينطبق على مجموعة من الأزواج اللغوية بحكم التّعدد اللّغوي الذي تشهده الجزائر.


          الازدواجية اللغوية في الجزائر:

          1/ اللغة العربية واللغة الفرنسية: 

          يعدّ هذا النّوع من الازدواج من أشهر أنواع الازدواج اللّغوي الموجود في الجزائر، على الرغم من أنّه لم يكن ظاهر للعيان، بحكم التّعايش السّلمي الذي كان بين اللغتين العربية والأمازيغية؛ "فلم يكن السّكان ذووا الأصول العربية هم وحدهم الذين يتكلمون العربية، ولكن أيضا السّكان ذووا الأصول الأمازيغية الذين كانوا يشكلون أغلبية سكان المدن _لا نتوفر إلى حدّ السّاعة على إحصائيات دقيقة تسمح بالجزم_ إنّ أغلب المؤلفين الذين كانوا يكتبون بالعربية كان أصلهم أمازيغيا ...أو نقلا أمازيغيا عربيا على أقل تقدير، ومن جهة ثانية فقد وجدت كذلك مجموعة من السّكان العرب الذين تمت أمزغتهم (Berberisés)، وبهذا المعنى يمكن القول أنّ الزوج اللّغوي (عربية/ أمازيغية) كان يجري العمل به على نطاق واسع منذ القرن الخامس عشر"5[5]، إلّا أنّ اللغة العربية كانت، ولا تزال لغة المجالات الرّسمية، ولغة التعليم، ولغة استمدت شرعيتها من الدستور، بينما بقيت اللغة الأمازيغية، وإلى أمد بعيد لغة شرّعها التاريخ، لتصبح مؤخرا لغة شرعية دستورية كلغة وطنية6[6].

          2/ اللغة العربية مع اللغة الامازيفية: 

          ارتبط ظهور هذا النّوع من الازدواجية بوجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وتعدّ هذه الازدواجية مظهرا من مظاهر الصراع اللغوي في الجزائر، بحكم أنّ وجود اللغة الفرنسية لا يرتبط بمرجعية دينية أو اجتماعية، أو أهلية عرقية إنّما يرتبط بوجود الاستعمار الفرنسي، وفرض هذه اللغة بالقوة على السّكان الجزائريين إبان الاحتلال، والأمر الذي جعل اللغة الفرنسية تنافس اللغة العربية، وتحظى بمكانة تضاهي مكانة اللغة العربية في المجتمع الجزائري، وجعل مفهوم الازدواج اللغوي يرتبط باللغة العربية واللغة الفرنسية.

          وقد سارت هذه المزاوجة اللّغويّة (عربية/ فرنسية) في الاتجاه السياسي، وأصبح لها أنصار ودعاة يحمونها، يثبتون وجودها في المجتمع الجزائري بكل مؤسساته، مما أدى إلى ظهور طائفتين اثنتين:8[8]

          _تيار عروبي: وهو التّيار المحافظ، المتمسك بالقيم العربية والاسلامية، يدعو إلى اعتماد اللغة العربية وحدها، ويرفض كل ما له علاقة باللغة أو الثقافة الفرنسية، رافضا لكل أنواع الازدواجية اللّغويّة، سواء كان بين العربية والفرنسية، أو بين العربية ولغة أخرى، ويعدّ أحمد طالب الإبراهيمي من رواد هذا الاتجاه، حيث يقول متحدثا عن الازدواجية اللغوية: "...فإذا كان المقصود بذلك هو الازدواجية العقائدية التي تتخذ اللغة العربية أداة التّعامل بين العوام والجماهير الشّعبية، وتجعل من اللغة الفرنسية لغة المدرسة والنّخبة المثقفة، فإنّنا لا نرضى بذلك لأنّ هذه الازدواجية التي يَدَّعي البعض بأنّها تمثل الواقع الثّقافي في الجزائر، وتعتبر عندنا من الاختبارات الأساسية مثل هذه الازدواجية لا تستند إلى دليل من المنطق القويم والعقل السليم"9[9] فاللغة العربية حسب هذا التّيار لغة مقدسة، ولغة شرعية لا يجب أن تنافسها أيّة لغة مهما كان نوعها.

          3/ اللغة فرنسية مع اللغة الامازيفية: 

          وينتشر هذا الزوج اللّغوي بكثرة في مناطق القبائل، وتوجد علاقة حميمة بين مستعملي هاتين اللغتين، فكثيرا ما يستخدم متحدثو اللغة الأمازيغية اللغة الفرنسية في تواصلهم اليومي، وفي التّعليم والإدارة، ويجيدون استعمالها، وفي هذا الصّدد تقول "صونيا بكال": "يُشكّل المتكلمون باللغة الأمازيغية نسبة 20% أقل تقدير، ثم إنّ الكثير من المتكلمين بهذه اللغة يجيدون اللغة الفرنسية بهذا يمكنني القول بأنّ هذه ازدواجية لغوية"11[11]، فكل النّاطقين باللغة الأمازيغية _تقريبا_ يتقنون اللغة الفرنسية، وهذا إن دلّ على شيء؛ فإنّما يدلّ على وجود هذا الزّوج اللّغوي، وانتشاره بقوة في الجزائر، وتحديدا في منطقة القبائل.

          4/  اللغة العربية الدارجة مع الفرنسية: 

          وينتشر هذا الزّوج اللّغوي عند السّكان النّاطقين باللّغة الأمازيغية، ويعدّ من أضعف أنواع الازدواج اللّغوي الموجود في الجزائر، بحكم استعماله من قبل فئة قليلة جدا من النّاس، إذ يستخدمه الأمازيغ مع النّاطقين باللغة العربية، كما أنّ عدد النّاطقين باللغة العربية الدراجة أكبر بكثير من عدد النّاطقين باللغة الأمازيغية، "حيث تقدر نسبة النّاطقين بالأمازيغية في الجزائر ب20% الى %25 كحد أدنى"13[13]، فاللغة العربية الدارجة تطغى على اللغة الأمازيغية، حتى أنّ هذه الأخيرة لا تُدَرَّس في جميع المدارس الجزائرية.


          5/  اللغة العربية الدارجة مع الفرنسية: 

          تنتشر اللغة العربية الدارجة بكثرة في المجتمع الجزائري، فهي تعدّ لغة التّواصل اليّومي لأغلب سكان الجزائر، وبحكم الوجود الفرنسي في الجزائر نجد أنّ بعض السّكان يُوظّفُون المصطلحات واللغة الفرنسية أثناء تواصلهم اليومي، وفي الأماكن الرّسمية والمواقف الجادة، ويعتقد البعض أنّ هذا يعدّ من قبيل الازدواجية اللّغويّة، إلّا أنّ الباحثة "خولة طالب الإبراهيمي" تنفي وجود هذا النّوع من الازدواج اللّغوي، قائلة: "ليس هناك ازدواجية لغوية بين هاتين اللغتين، بل يوجد أنصاف ازدواجية، لأنّه يندر الاستعمال الكلي للغة الفرنسية بين هذه الأوساط التي تتحدث اللّغتين، فمناهج الدراسة والسّياسة اللّغويّة غير الواضحة جعلت القليل من يتقن جيدا اللغة الفرنسية"12[12]، لكن يمكن أن نستثني هنا بعض أساتذة اللغة الفرنسية الذين نراهم يستخدمون اللغة الفرنسية داخل القسم، واللغة الدراجة خارجه بالإضافة إلى خطابات بعض السّياسيين.

           

        • الدرس الثاني: التعدد اللغوي

          عناصر الدرس الثاني

          تعريف التعدد اللغوي: 

          نّ التّعدد اللّغوي ظاهرة منتشرة في كل المجتمعات، وهو مصطلح يفضى إلى انتشار مجموعة من اللغات في مجتمع واحد، واستعمالها من قبل أفراده في مختلف المجالات الحياتية، وهو ظاهرة ترتبط بالفرد والمجتمع؛ فــ: "نقول عن دولة أنّها متعددة اللغات حينما يتم التّكلم فيها بلغتين مختلفتين على الأقل، ونقول عن شخص متعدّد اللغات عندما يكون بإمكانه التّعبير عن حاجياته ومقاصده والتّواصل مع غيره بأكثر من لغة؛ ويمكن إذن لمصطلح التّعدد اللغوي(Miltilinguisme) أن يحيل إلى استعمال اللغة أو قدرة الفرد، وعلى الوضعية اللّغويّة لمجتمع وأمة كاملة"1[1]، أمّا ماكاي (Mackey) فيربط التّعدد اللّغوي بالفرد، ويعرفه قائلا: "التّعدد اللّغوي هو أن يتكلم الشّخص لغتين أو أكثر بإرادة منه وبتمييز اللغات بعضها عن بعض مدركا وواعيا كأن ينتقل من اللغة الأولى إلى اللغة الثانية دون أن ينقل بعض أجزاء اللغة الأولى إلى الثانية"2[2]، وانطلاقا من هذه التّعريفات يتضح أنّ التّعدد اللّغوي ظاهرة لغوية ترتبط بالفرد والجماعة، وتتمثل في استعمال كلهما للغتين أو أكثر في تحقيق العملية التّواصلية، وما يتعلق بها داخل المجتمع أو خارجه

          التعدد اللغوي في الجزائر: 

          1/ اللغة العربية: 

          أو كما يسميها البعض اللغة الكلاسيكية(Langue Classique) أو اللغة الأدبية(Langue littéraire)، وهي اللغة الرسّمية والوطنية للدولة الجزائرية منذ دستور1963م، وتعتبر هذه اللغة لغة الطبقة المثقفة، ووسيلة التّواصل الفكري والإبداع الأدبي، ولغة الثقافة والاقتصاد والسّياسة والصحافة والكتب والصحف الرسمية، ولغة التّعليم الرسمي في جميع المراحل التعليمية.

          فاللغة العربية لغة نموذجية فرضت وجودها في الاستعمال اللّغوي في الجزائر وسيطرت على جميع القطاعات؛ باعتبارها لغة مكتوبة ومنطوقة تخضع لجملة من القواعد والقوانين، وهذا التّميّز والاختلاف عن اللهجات خلق لها مكانة مهمة في الدولة الجزائرية خاصة؛ حيث انتهجت في سياسة التّعريب، وفي التّعليم ووسائل الاعلام والاتصال دون استثناء3.[3]

          2/ اللهجة العامية العربية : 

          يعدّ استعمال العامية إلى جانب اللغة العربية ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم العربي دون استثناء، وتعرف العامية بأنّها: "مجموعة من الصفات اللغوية التي تنتمي إلى بيئة لغوية خاصة، ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة"5[5]، وهي لغة أغلبية سكان الجزائر، فهي أداة التّواصل بين جميع النّاس، وتعتبر لغة الحديث والتّعاملات اليّوميّة، والعاميّات الجّزائريّة كثيرة ومتنوّعة، لا يسعنا الزّمان والمكان لذكرها جميعا، لكن يمكن توزيعها إلى أربع مناطق رئيسيّة، وهي:6[6]

          ا) عاميّات الشّرق الجّزائريّ

            

          ومن أهم ولايات هذه الجهة نذكر: البويرة، سطيف بومرداس...إلخ

          ب) عاميّات الوسط الجّزائري

            

          ومن أهم ولايات هذه الجهة نذكر: الجلفة، البليدة، عين الدّفلة...إلخ

          ج) عاميّات الغرب الجّزائريّ

            

          ومن أهم ولايات هذه الجهة نذكر: سعيدة، تلمسان، سيدي بلعباس...إلخ

          د) عاميّات الجنوب الجّزائريّ

            

          ومن أهم ولايات هذه الجهة نذكر: تمنراست، أدرار إليزي...إلخ

          3/ الأمازيفية بلهجاتها: 

          أو كما يسميها البعض اللغة البربرية، وهي "لغة سكان يدعون "إيمازيغن" وهم سكان استقروا منذ العصر النيوليتي في فضاء جغرافي يمتد من البحر المتوسط إلى النّيجر، ومن المحيط الأطلسي إلى الحدود الليبية المصرية"7[7]، وتعدّ اللغة الأمازيغية جزء لا يتجزأ من مكونات الشّخصية الوطنية التاريخية، فاللغة الأمازيغية هي اللغة الرّسمية لسكان شمال إفريقيا منذ القدم، وهي بالنّسبة لسكان القبائل وجبال الأوراس والطوارق اللغة الأولى، وقد تعايشت هذه اللغة مع اللغة العربية عبر الزمن، ولقرون عديدة دون تصادم أو خلاف.

          أصبحت هذه اللّغة من بين اللّغات الرّسمية للدولة الجزائرية، حيث صادق البرلمان الوطني يوم 8 أفريل 2008، على ترسيخ الأمازيغية، وعلى ترقية البعد الأمازيغي بمكوناته اللّغويّة والثّقافيّة والتّاريخيّة الأنثروبولوجية، في تعليم اللغة الأمازيغية في الجزائر، وضمها إلى المسار التعليمي، وقد شرع في تدريس هذه اللغة في 16 ولاية من الجزائر، سنة1995م.

          4/ اللغة الفرنسية: 

          تعدّ اللغة الفرنسية أحد أهم اللغات المشكلة للخريطة اللّغويّة في الجزائر وقد تزامن ظهورها في المجتمع الجزائري مع التواجد الكولونيالي الفرنسي في الجزائر الذي امتد من 1830م إلى1962م. وهي على حد تعبير "كاتب ياسين" بمثابة غنيمة حرب لابدّ من الاستفادة منها في خدمة مصالحنا، وأن نتعامل معها على أنّها لغة دخيلة9[9]، وقد عمرت اللغة الفرنسية طويلا في المغرب العربي، وفي الجزائر على وجه الخصوص، حيث انتشرت في جميع أنحاء البلاد، وكان لها تأثير قوي، ومهم في الاستعمالات اللّغويّة فيها.

          وتعتبر اللغة الفرنسية اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر، وتستعمل عند قسم كبير من السّكان الجزائريين؛ إذ يعتبرونها بمثابة النّافذة التي يطلون من خلالها على العالم الآخر، وعلى الثّقافة الغربية، بل هناك من جعل منها لغته الأولى10[10]، حيث أصبحت لغة تنافس اللغة العربية في عقر دارها، تستعمل في العمل، وفي التّواصل اليومي بين الأسر المثقفة.

        • قائمة المراجع


          أ/ الكتب

          1_ لطفي بوقربة، محاضرات في اللسانيات الاجتماعي.

          2_ هدسون، علم اللغة الاجتماعي،.

          3_ السيد علي شتا، علم الاجتماع اللغوي.

          4_ علي عبد الواحد الوافي، اللغة والمجتمع،.

          ب/ مقالات:

          1_ عرابي أمحمد، الازدواجية اللغوية وأثرها في اكتساب اللغة العربية.

          2_ جناوي عبد العزيز، الوظيفة الاجتماعية للغة.

          3_ صالح بلعيد، اللغة الأم، والواقع اللغوي في الجزائر.

          4_ بوهناف عبد الكريم، مؤسسات التنشئة الاجتماعية والممارسة اللغوية.

          5_ فوزية طيب عمارة، التخطيط اللغوي وعلاقته بالسياسة اللغوية.

          6_ صالح بلعيد، السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في الجزائر الواقع والمأمول.

          7_ كمال بوغديري، التعددية اللغوية في الجزائر.

          8_ ارزقي شمون، التعددية اللغوية في الجزائر، أسبابها وتجلياتها.