المحور الأول: مفهوم وأهداف الإدارة الإلكترونية ومجالات تطبيقها
أولا- تحديد مفهوم الإدارة الإلكترونية:
تعددت تعاريف الإدارة الإلكترونية وتنوعت، وفيما يلي عرض لأهم التعاريف:
يُعرف المكتب الكندي للغة الفرنسية الإدارة الإلكترونية بأنها: "طريقة تسيير ترتبط بدمج التكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصالات بما فيها شبكة الأنترنت في مجموع العمليات التي تقوم بها المؤسسة أو المنظمة بهدف تحسين الإنتاجية والكفاءة [office québécois, 2013].
يتضح من هذا التعريف بأن الإدارة الإلكترونية ترتكز على المزج بين عمليات المؤسسة وتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة لتحقيق هدف أساسي يتمثل في تحسين الإنتاجية والكفاءة، وبالتالي كان التركيز على العمليات الإدارية وتحديثها عن طريق التكنولوجيات الجديدة.
وحسب التقرير الصادر عن منظمة التنمية والتعاون الأوروبية (Organization for Economic Co-operation and Development) في سنة 2004، فإنه توجد عدة تعاريف للإدارة الإلكترونية وأنه لا يتم استخدام المصطلح ذاته على المستوى العالمي، والاختلاف ليس في المعنى فقط، بل يمكن أن يعكس بعض الأولويات في السياسات العامة، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة تعريفات أساسية:
1- تُعرف الإدارة الإلكترونية على أنها توفير الخدمات عن طريق شبكة الأنترنت، وغيرها من الأنشطة مثل المشاورات الإلكترونية.
2- كما تعرف بأنها استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الإدارة. لكنه عادة ما تُعطى الأولوية لتقديم الخدمات والعلاج، ويشمل التعريف الأوسع جميع الأعمال الإدارية.
3- وتعرف من جانب آخر بأنها القدرة على تحويل الإدارة العامة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أو عن طريق استخدام شكل جديد من أشكال الإدارة يرتكز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وعادة ما يرتبط هذا مع استخدام الأنترنت.
وقد تطورت التعاريف والمصطلحات المستخدمة من قبل الدول تبعا لأولويات تغيرات والتقدم على مستوى أهداف معينة، ولأن هذا القطاع حيوي يجب أن تبقى السياسات والتعاريف ذات الصلة في إطار مشروع منظمة التعاون والتنمية. [OCDE, 2004, P26]
يتضح من خلال هذا التعريف بأن الإدارة الإلكترونية هي الانتقال نحو تقديم الخدمات المختلفة المعروضة من طرف الإدارة العمومية إلى الشكل الإلكتروني باستخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال والانترنت، ولكن تبقى أولوية هذا التوجه تختلف من دولة لأخرى.
كما ذهب بعض الباحثين إلى تعريف الإدارة الإلكترونية " بأنها منهج حديث يعتمد على تنفيذ الأعمال والمعاملات التي تتم بين طرفين أو أكثر من الأفراد أو المنظمات باستخدام كل الوسائل الإلكترونية مثل البريد الإلكتروني (E-mail) والتحويلات الإلكترونية للأموال (Electronic Funds Transfers)، والتبادل الإلكتروني للمستندات (Electronic Data Interchange)، بالإضافة إلى الفاكس والنشرات الإلكترونية". [محمد الحسن، 2009، ص05].
يتضح من خلال هذا التعريف بأن الإدارة الإلكترونية هي إدارة للتعاملات الكلاسيكية لكن بوسائل حديثة مما يعطيها خصائص جديدة ومتميزة.
ثانيا- أهداف الإدارة الإلكترونية:
للإدارة الإلكترونية عدد من الأهداف تبنتها الجهات الحكومية لأجل تقريب المواطن من الإدارة كهدف أساسي مبنى على تحقيق عدد من الأهداف الفرعية، وفيما يلي بيان لهذه الأهداف:
1. تحسين مستوى الأداء: إن الانتقال بالإدارة من العمل في إطار محدودية المكان والزمان إلى لا محدودية هذين المتغيرين مع الدقة العالية يعني رفع مستوى أداء الأفراد والمؤسسات إلى أقصى حد ممكن، بحيث لا يوجد وقت أو جهد ضائع أو طلب خدمة بدون استجابة خلال الوقت الحقيقي.
2. تحسين مستوى الخدمة: تسعى الكثير من الحكومة ممثلة بمؤسساتها المختلفة إلى تحسين مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين من خلال مراعاة عدد من الجوانب نذكر أهمها فيما يلي [بيومي الحجازي، 2008، ص106]:
أ- محاولة تجاوز الأخطاء: من خلال تزويد الموظف في الإدارة بجهاز الكمبيوتر المدعم بالبرمجيات اللازمة وقاعدة البيانات اللازمة، وهذا يعطي نتائج يقينية في العمل، ويتيح سهولة كبيرة في إنجاز المعاملات الخاصة بالأفراد والمؤسسات، بالإضافة إلى تزويد الإدارة بنظم معلومات من شأنها اختصار الكثير من الإجراءات.
ب- تحقيق الشفافية: تتيح الإدارة الإلكترونية للمتعاملين معها معرفة في أي مستوى يتم معالجة معاملاتهم، وما هي المراحل التي تمر بها المعاملات في طريقها للمعالجة وهل توجد معوقات لذلك ام لا. يكون ذلك من خلال الدخول على الموقع الإلكتروني والولوج إلى الحساب الخاص وتتبع المعاملات بشكل مباشر، حيث لا يوجد شيء يتم اخفاؤه لأنه لا توجد ضرورة لذلك أصلا.
3. التقليل من التعقيدات الإدارية:
ويكون ذلك من خلال اختصار الخطوات والإجراءات والجهات الحكومة التي يتم اشراكها لأجل إنجاز معاملة معينة، بحيث يتم ربط الجهات الحكومية المعنية بالمعاملات بشكل إلكتروني آمن في إطار نظام معلومات خبير، بحيث يتم تبادل المعلومات آليا بين هذه الجهات لأجل تسوية المعاملات الخاصة بالمواطن خلال الوقت اللازم.هذا من جهة ومن جهة ثانية يتم اختصار إجراءات طلب الخدمة أو طلب تسوية المعاملة، بحيث يتم دخول المستفيد إلى الموقع الإلكتروني ويعبئ استمارة الطلب ثم ينتظر معالجة طلبه مباشرة خلال وقت يظهر له على الموقع في ذات الوقت.
لعل هذا يوفر على طالب الخدمة عناء الانتقال الكلاسيكي إلى الإدارات وانتظار وقت طويل لأجل إنهاء المعاملات التي كانت تمر بعدد من الإجراءات الإدارية وتوجه طالب الخدمة إلى استخراج وثائق تكميلية من إدارة أخرى لإتمام ملف طلب الخدمة، ولعل هذا الهدف نجحت في تحقيقه العديد من الإدارات في الكثير من الدول اليوم.
4. تدنية التكاليف: يمكن توضيح هذه النقطة من خلال أجراء مقارنة بسيطة بين حالتين أساسيتين، قبل وبعد رقمنة الحالة المدنية في الجزائر.
قبل عملية الرقمة كان يعتبر انتقال آلاف المواطنين من مقر سكناهم إلى مقر ولادتهم أمر ضروري لاستخراج شهادة الميلاد الأصلية رقم 12، وما يترتب على انتقالهم من تكاليف كبيرة، فهناك مصاريف النقل، التكاليف الخفية المتمثلة في ترك المنتقلين لأماكن عملهم أو غيابهم عن مؤسسات عملهم، بالإضافة الوقت الضائع، ومصاريف الأوراق، والتبذير في الورق حيث يضطر الكثيرين إلى استخراج عدد كبير من النسخ تجنبا للرجوع مرة أخرى برغم عدم حاجاتهم إليها، وتكاليف لا يمكن حصرها في هذا الإطار.
بالمقابل بعد تطبيق عملية الرقمنة تحققت العديد من المزايا التي يمكن لأبسط مواطن التعبير عنها بشكل واضح، لعل من أهمها القضاء على مشكل الانتقال وما يترتب عنه من تكاليف سبقت الإشارة إليها، بالإضافة إلى سهولة طلب الخدمة حيث يقدم المواطن فقط رقم شهادة الميلاد، بالإضافة إلى ربح الوقت، بحيث لم يعد يعاني المواطن من الطوابير التي كانت قبل الرقمنة.
إن هذا الوضع وبلا شك قد حقق اقتصاد وترشيد كبير للنفقات العمومية التي كانت تتكبدها البلديات والمواطنين طالبي الخدمات لأجل استخراج وثيقة شهادة الميلاد رقم 12، وقياسا على ذلك يمكن توقع التكاليف المرتبطة بالعدد الهائل من الوثائق في الحالة المدنية والمؤسسات الأخرى.
ثالثا- مجالات تطبيق الإدارة الإلكترونية
هناك العديد من مجالات تطبيق الإدارة الإلكترونية، ومن بينها:
1. الخدمات الحكومية الإلكترونية: تشمل تقديم الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، مثل تقديم طلبات التأشيرة والجوازات والرخص والضرائب والخدمات الصحية والتعليمية.
2. التجارة الإلكترونية: تشمل بيع المنتجات والخدمات عبر الإنترنت، مثل التسوق عبر الإنترنت والحجز عبر الإنترنت.
3. الصحة الإلكترونية: تشمل استخدام التكنولوجيا لتحسين خدمات الرعاية الصحية، مثل تطبيقات المرضى والسجلات الطبية الإلكترونية.
4. التعليم الإلكتروني: يشير إلى استخدام التكنولوجيا في تقديم المواد التعليمية، مثل المحاضرات عبر الإنترنت والفصول الافتراضية.
5. الأعمال الإلكترونية: يشير إلى استخدام التكنولوجيا في إدارة أعمال المؤسسات، مثل إدارة سلاسل التوريد والعلاقات مع العملاء.