المبحث الثاني: نهاية القرارات الإدارية

يقصد بنهاية القرارات الإدارية تجريدها من محتواها وإنهاء كل أثر قانوني لها وتنتهي القرارات الإدارية إما بإنهائها من قبل الإدارة ذاتها أو أن تقوم إحدى السلطات بالتدخل لإلغائها.

المطلب الأول: نهاية القرارات الإدارية بإرادة الإدارة

قد تنتهي القرارات الإدارية بسبب عيب شاب أحد أركانها فتصبح غير صالحة لإنتاج آثارها فتقوم الإدارة إما بإلغائها أو سحبها.

الفرع الأول: إلغاء القرارات الإدارية

يمثل إلغاء القرارات الإدارية من طرف السلطات الإدارية وسيلة هامة لحماية مبدأ المشروعية فمن خلاله تقوم الإدارة بإنهاء قرارات إدارية إكتشفت الإدارة بعد تنفيذها وترتيبها لآثارها عدم مشروعيتها.

بحيث تقوم الإدارة بتسبيب وتحديد أسباب الإلغاء والتي عادة ما تكون عيبا شاب القرار الإداري، حتى يكون إجراء الإدارة في الإلغاء صحيحا وليس محل طعن بعد ذلك أمام الجهات القضائية المختصة.

ويعرف الإلغاء الإداري على أنه: "إنهاء وإعدام الآثار القانونية للقرارات الإدارية بالنسبة للمستقبل فقط إعتبارا من تاريخ الإلغاء مع ترك وابقاء أثارها السابقة قائمة بالنسبة للماضي فقط".

وبهذا يختلف إلغاء القرارات الإدارية عن سحبها الذي يؤدي إلى إختفائها بأثر رجعي ومن تاريخ إصدارها فيسحب القرار من تاريخ إصداره وتعالج جميع الآثار التي رتبها في الماضي.

وحتى يكون قرار الإلغاء الإداري صحيحا وجب توفر جملة من الشروط تتلخص في أنه يجب:

  • أن يكون القرارا الإداري المراد إلغاءه غير مشروع وقت الغاءه.

  • وأن يكون هذا ضمن الأجال القانونية المقدرة بــ أربعة أشهر حسب المادة 829 ق.إ.م.إ والا تحصن القرار ضد الإلغاء.(3)[1]

  • قرار الإلغاء لا يتضمن إستبدال القرار القديم بقرار جديد بالضرورة.

  • وحتى يكون الإلغاء الذي تقوم به الإدارة صحيحا يجب أن يتم من طرف الجهة التي أقر لها القانون بهذه الصلاحية.

الفرع الثاني: سحب القرارات الإدارية

يمثل إجراء سحب القرارات الإدارية من طرف الإدارة أخطر أنواع إنهاء القرارات الإدارية على الإطلاق.

ويقصد بسحب الإدارة لقرارها عدولها عنه بالنسبة للماضي والمستقبل، وذلك بإنهاء ما ولده هذا القرار من آثار بالنسبة للماضي ومنع سريانه بالنسبة للمستقبل.

وعرفه عمار بوضياف" يقصد بسلطة السحب حق الإدارة في إعدام قراراتها بأثر رجعي من تاريخ صدورها وتعد في هذه الحالة كأن لم تكن، وبذلك يلتقي السحب مع الإلغاء القضائي، كون أن كل منهما يسري على الماضي فيعدم القرار ساعة صدوره وبالضرورة يسقط كل آثاره وتوابعه، مع فارق كبير بينهما تجسد في أن السلطة التي تمارس السحب هي سلطة إدارية بينما السلطة التي تمارس الإلغاء القضائي هي السلطة القضائية، غير أن سلطة الإدارة في سحب قراراتها تفرض علينا التمييز بين نوعين من القرار هما القرار المشروع والقرار غير المشروع."

بالنظر إلى إعتبار أن سحب القرارات الإدارية بأثر رجعي يمثل أهم إمتيازات السلطة الإدارية، ولاستعمال الإدارة حقها في السحب أقرت جملة من الشروط تتلخص في:

  • أن يكون القرار المسحوب بأثر رجعي قد نشأ معيبا، ووصف بأنه غير مشروع.

  • ويجب أن تتصرف الإدارة ضده ضمن الآجال المحددة قانونا وإلا تحصن العمل ولا مجال للتصرف معه عن طريق السحب.

  • ووفقا لقواعد الإختصاص يجب أن يتم السحب من طرف السلطة المختصة قانون للقيام بهذا الإجراء.

  • وجب إحترام الآجال والمواعيد القانونية المحددة للسحب، ويتحدد أجل سحب القرارات الإدارية من طرف الإدارة بأربعة (4) أشهر، وبتجاوز هذه المدة فإنه يتحصن القرار الإداري مهما كان وصفه مشروعا أم غير مشروع، كقاعدة عامة.

  • يجب أن تتم عملية السحب بواسطة السلطات المخول لها ذلك.

المطلب الثاني : نهاية للقرارات الإدارية خارج إرادة الإدارة

الفرع الأول : عن طريق القضاء

قد تنتهي القرارات الإدارية عن طريق صدور قرار قضائي وذلك بعد رفع دعوى الإلغاء ضد القرار الإداري محل الدعوى من طرف ذوي الصفة والمصلحة القانونية وأمام الجهات القضائية الإدارية المختصة نوعيا وإقليميا، وطبقا للشروط والإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية والإدارية والقوانين الخاصة.

ودعوى الإلغاء هي دعوى قضائية عينية أو موضوعية والتي يحركها ويرفعها أصحاب الصفة القانونية والمصلحة أمام القضاء الإداري طالبين فيها الحكم بإلغاء قرار إداري نهائي غير مشروع ويختص القاضي بالنظر في مدى شرعية أو عدم شرعية القرار الإداري المطعون فيه بعدم الشرعية.

وتتميز دعوى الإلغاء بخصائص منها :

  • دعوى الإلغاء دعوى قضائية وليست بطعن أو تظلم إداري .

  • دعوى الإلغاء هي الدعوى الأصلية والوحيدة لإلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة إلغاء قضائيا.

  • دعوى الإلغاء عينية وموضوعية وليست دعوى شخصية ذاتية.

وإلغاء القرار قضائيا يقتضي إزالة كل آثار القرار منذ إصداره، واعتباره كأن لم يكن، أي أن الإلغاء القضائي للقرار يسري بأثر رجعي لتاريخ صدور القرار الملغى.

الفرع الثاني: النهاية الطبيعية للقرارات الإدارية

تعني هذه الحالة انقضاء القرار الإداري تلقائيا دون أن يتدخل في ذلك عمل إداري أو تنظيمي أو قضائي، بحيث ينتهي بإحدى الحالات الآتية:

  1. بتحقيق الغاية من وجودها، وتنفيذ القرار الإداري حيث يستنفذ موضوعه مثل قرارات التعيين أو قرارات الترقية وكذلك القرار الصادر بهدم عقار آيل للسقوط فهذه القرارات تنتهي بمجرد تنفيذها.

  2. انتهاء القرار بانتهاء المدة المحددة لنفاذه، مثل التصريح الذي تمنحه الدولة لإقامة الأجنبي في البلاد لمدة محددة فينتهي القرار المتضمن ذلك بحلول الأجل، وكما في حالة انتهاء أجل استعمال رخصة الصيد مثلا أو رخصة السياقة أو جواز السفر .... إلخ.

  3. بعدم تطبيق القرار الإداري ترك القرار أو إهماله من جانب الإدارة أو الأفراد.

  4. تحقيق الشرط الفاسخ الذي علق عليه القرار الإداري.

  5. نتيجة ظروف طارئة تجعل تنفيذه مستحيلا استحالة مطلقة، كموت المستفيد في حالة القرارات الإدارية التي يراعى في صدورها شخص معين، مثل قرار التعيين في وظيفة عامة.

  6. الهلاك المادي للشيء الذي يقوم عليه القرار الإداري، مثل القرار الصادر بنزع ملكية عقار أو الاستيلاء عليه فإنه ينتهي بزوال العقار لسبب من الأسباب.