التجريم
Remarque : الركن المعنوي
أما بالنسبة لجرائم الفساد فهي جرائم قصدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد، وهو القصد الجنائي والذي يتوفر بمجرد توفر العلم والإرادة لدى الجاني، حيث يكون الجاني يعلم بأن الفعل المرتكب مجرم وأن الهدية غير مستحقة ومع ذلك تنصرف إرادته إلى قبولها. [1]
تجريم الفساد في القطاع العام
جريمة الرشوة وصورها المستحدثة
جريمة الرشوة

لا تخرج الرشوة عن أنها القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من طرف الموظف العمومي في مقابل مزية غير مستحقة لفائدة أحد الأطراف، ما يقتضي وجود شخصين مستخدم (المرتشي) وهو الموظف العمومي أي من يطلب أو يقبل الرشوة في مقابل ما يقوم به من أعمال أو ما يمتنع عن عمله وصاحب المصلحة أي الراشي وهو من يقبل بأداء ما طلب منه من الموظف أو هو الذي عرض المزية غير المستحقة على الموظف بغض النظر إن وافق عليها الموظف أم لم يوافق. [1]
أنواع جريمة الرشوة
حددت المادة 25 من القانون رقم 06/01 جريمة رشوة الموظفين العموميين، وجاءت بعدها المادة 28 من نفس القانون لتستحدث جريمة رشوة الموظف العمومي الأجنبي وموظفي المنظمات الدولية، وبالتالي نقصد في هذا الشق من الدراسة بأنواع جريمة الرشوة رشوة الموظف العمومي ورشوة الموظف العمومي الأجنبي وموظفي المنظمات الدولية، دون ذكر أنواع الرشوة الأخرى:
من حيث التقسيم المبني على من صاحب الرشوة الموظف أو من عرضت عليه (وهو ما يسمى بالرشوة السلبية أو الرشوة الإيجابية).
الرشوة المحلية والرشوة الدولية.
الرشوة في مجال الصفقات العمومية.
نظام تجريم الرشوة
تسلك مختلف التشريعات في معالجتها لجريمة الرشوة أحد النظامين، حيث هناك مبدأين لتجريم الرشوة، المبدأ الأول مبدأ وحدة الرشوة وبموجبه تعد جريمة الرشوة جريمة واحدة وهي جريمة المرتشي، والمبدأ الثاني هو مبدأ ثنائية الرشوة وبموجبه تعد جريمة الرشوة جريمتين جريمة الراشي وجريمة المرتشي.
نظام وحدة الرشوة
بحسب هذا المبدأ تعد الرشوة جريمة واحدة يرتكبها الموظف العام ومن في حكمه، وذلك نتيجة أن الموظف العمومي يتاجر بوظيفته ويعد فاعلا أصيلا سواء بمساهمته المباشرة في تنفيذ الجريمة أو بالتحريض عليها بالهبة أو الوعد أو التهديد أو غيرها من أساليبها. [2]
والراشي بحسب هذا المبدأ ما هو إلا شريك كما هو الحال بالنسبة للوسيط بين المرتشي والراشي إذا ما توفرت أركان الاشتراك.
نتائج تطبيق مبدأ وحدة الرشوة
تترتب على مبدأ وحدة الرشوة جملة من النتائج منها انتفاء قيام جريمة المرتشي قانونا لانعدام القصد الجنائي أو لسبب آخر ينفي الجريمة على الراشي، وذلك لاعتبار الموظف العمومي هو الفاعل الأصلي ففي حال رفضه للرشوة سقطت الدعوى عن الراشي لاعتباره مجرد شريك وهنا تكون جريمته هي فقط الشروع في الاشتراك وبالتالي لا جريمة عليه، أي فراره من العقاب [2].
والمقصود من ذلك توقف مصير الراشي على الدعوى المرفوعة ضد المرتشي وبالتالي عدم خضوعه للمساءلة الشخص الذي يعرض الرشوة على الموظف ويرفضها.
نظام ثنائية الرشوة
هناك من اعتبر ظهور هذا النظام ما هو إلا نتيجة للانتقادات التي تعرض لها النظام الأول، وهذا المبدأ ينظر للرشوة على أنها جريمتين منفصلتين هما جريمة راشي وجريمة مرتشي، وتتحقق كل منهما بتحقق ركنيهما المادي، حيث تتحقق الأولى بمجرد طلب الموظف لمزية غير مستحقة مقابل القيام بعمل أو الامتناع عنه، أما الثانية فتتحقق بعرض الراشي الرشوة على الموظف للقيام بعمل أو الامتناع عن عمل دون إعطاء أهمية لرد الموظف بالقبول أو الرفض. [3]
وبالتالي يعتبر كليهما أي طرفا الجريمة فاعلان أصليان كل على حده، عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للمبدأ الأول
نتائج تطبيق مبدأ ثنائية الرشوة
كما هو عليه الأمر بالنسبة لمبدأ أحادية الرشوة فمبدأ ثنائية الرشوة بدوره تترتب عليه جملة من النتائج، قد يكون أهمها أن المساءلة في هذه الحالة بالنسبة للشركاء غير ما هو عليه الأمر في أحادية الرشوة، حيث تتيح إمكانية مساءلة الشركاء كل واحد باعتباره شريك لفاعل أصلي لجريمة مستقلة، ومن جهة أخرى استقلال العقاب بين الراشي والمرتشي مع إمكانية وقوع جريمة دون الأخرى. [2]
موقف المشرع الجزائري
تبنى المشرع الجزائري نظام ثنائية جريمة الرشوة، لأن هذا النظام يسمح بمساءلة كل أطراف الجريمة، ويحقق الردع التام لمعاقبة كل من الراشي والمرتشي على جريمته، ويظهر هذا الموقف جليا من خلال تقسيم مختلف جرائم الرشوة (الرشوة بأنواعها) إلى الصورتين المعروفتين السلبية والإيجابية في جميع مواده المذكورة في قانون مكافحة الفساد، والذاكرة لجريمة الرشوة.
أركان جريمة الرشوة
الركن المادي
يظهر الركن المادي لجريمة الرشوة عادة في صورتين أساسيتين هما [4]:
صورة الطلب والاستجابة له، ما يقصد به أن يطلب الموظف أو من في حكمه من الشخص صاحب المنفعة والمصلحة أن يسلمه أو يعده بالتسليم لاحقا لمزية غير مستحقة ومنفعة، لمقابل أن يقوم بتقديم عمل أو الامتناع عن عمل داخل إطار مهامه.
وصورة العرض والقبول والتي يقصد بها قيام الراشي بعرض هدية أو عطية أو أية منفعة أخرى على الموظف فيقوم هذا الأخير بقبول العرض قبولا حقيقيا في مقابل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل.
وللتفصيل في الأمر يجب أن نحدد الركن المادي لكل جريمة على حدى أي الرشوة السلبية والرشوة الإيجابية على النحو التالي:
الرشوة السلبية (جريمة الموظف المرتشي)
يتحقق الركن المادي بطلب الجاني لمزية غير مستحقة في مقابل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من الأعمال المسندة اليه بحكم وظيفته، أو قبول مزية عرضت عليه.
النشاط الإجرامي:
ويتمثل النشاط الاجرامي في القبول والطلب على حد سواء، ويقصد من الطلب "تعبير يصدر عن الإرادة المنفردة للموظف يطلب فيه مقابلا لأداء وظيفته أو خدمته، ويكون ذلك شفاهيا أو كتابيا، صراحة أو ضمنيا" [5] ، وهنا القبول من طرف الراشي ليس بالشيء المشروط حيث يكفي توفر الطلب لقيام الجريمة.
أما عن القبول فيفترض فيه توفر العرض على الموظف المرتشي من طرف الراشي صاحب المصلحة جديا، وان كان في ظاهره فقط، ومن جهة أخرى لا بد أن يكون قبول الموظف كذلك جديا وحقيقي، ويستوي أن يكون القبول هنا شفويا أو كتابيا بالإشارة أو بالقول، ضمنيا أو صريحا. [5]
محل الإرتشاء
ويقصد به المزية غير المستحقة التي يطلبها الموظف لمرتشي لنفسه أو لغيره نظير القيام بالخدمة المطلوبة أي القيام بعمل أو الامتناع عن أداء عمل يكون من صلاحيات الموظف وداخل مهام وظيفته (وتكون كذلك المزية ليس للموظف فيها حق)، وتأخذ المزية عدة صور فقد تكون مادية أو معنوية، صريحة أو ضمنية، وكذلك قد تكون مشروعة أو غير مشروعة، سواء كانت محددة أو غير محددة، وهذا كله يكون سابقا للأداء العمل محل المكافأة أو الامتناع عنه، فلا يستوي أن تطلب المزية أو تقبل بعد أداء الخدمة. [5]
الرشوة الإيجابية (جريمة الراشي)
السلوك الإجرامي
والذي يتحقق بمجرد الوعد بمزية أو عرضها أو منحها للمستفيد من المزية أي للموظف بصفة مباشرة أو لشخص آخر غير الموظف العمومي (ويستوي الأمر إن كان شخصا طبيعيا أو معنويا، فردا أو كيانا) من طرف الراشي صاحب الخدمة، ويشترط أن يكون الوعد جديا وحقيقيا، مباشرا أو غير مباشر أي للموظف مباشرة أو عن طريق الغير.
محل الارتشاء والغرض منه
والمقصود من محل الارتشاء هنا المزية غير المستحقة التي يتم عرضها أو منحها أو الوعد بها الموظف العمومي والتي تستوي أن تكون مادية أو معنوية، في مقابل أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل من واجباته يدخل في اختصاصاته، سواء تحققت النتيجة المرجوة أو لم تتحقق، وبهذا تشترك الرشوة السلبية والإيجابية في محل الارتشاء والغرض منه.
الركن المادي لجريمة رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية
الركن المادي في صورة الجريمة السلبية لرشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المنظمات الدولية العمومية فلا فرق فيما بينهما، وهو ما عليه الحال في صورة الرشوة الإيجابية فقط هناك اختلاف طفيف يظهر من خلال استقراء المادة 28 الفقرة 1 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته والذي يكون في الغرض من المزية غير المستحقة الممنوحة أو الموعود بها للموظف العمومي الأجنبي، حيث يكون الجاني قد وعد الموظف بالمزية أو عرضها عليه أو منحه إياها لكي يقوم ذلك الموظف بأداء عمل أو الامتناع عن أدائه وذلك بغرض الحصول أو المحافظة على صفقة أو امتياز غير مستحق ذي صلة بالتجارة الدولية أو بغيرها. [5]
صور الرشوة المستحدثة
جريمة تلقي الهدايا
جاء النص عليها في المادة 38 من القانون 06/01 بقولها "... كل موظف عمومي يقبل من شخص هدية أو أية مزية غير مستحقة من شأنها أن تؤثر في سير إجراء ما أو معاملة لها صلة بمهامه."
وتعريفها لا يخرج عن تلقي وقبول الموظف العمومي لهدية أو مزية غير مستحقة بمقابل خدمة لها صلة بمهامه.
الركن المادي لجريمة تلقي الهدايا
يتكون الركن المادي من ثلاث عناصر هي: الفعل المجرم والمتمثل في تلقي الموظف هدية أو مزية غير مستحقة ووضع يده عليها بالتملك، حيث تكون الهدية التي استلمها الموظف العمومي ذو طبيعة تمتاز بالغلاء حيث لا بد لها أن تكون ثمينة فلا يستوي اعتبارها هدية وتجرم إن كانت تافهة ولا تستحق أن يقوم الموظف بخدمة في مقابلها (سيارة، عقار، مجوهرات ...)، وبالتالي لغلائها يمكن لها أن تؤثر في معالجة ملف أو سير إجراء أو معاملة لها صلة بمهام الموظف العمومي، وهو الغرض المرجو منها أي استمالة الموظف قصد تواطؤه مع الجاني من أجل تحقيق خدمة.
جريمة الإثراء غير المشروع
جاء النص عليها في المادة 37 في فقرتها الأولى من القانون رقم 06/01 بقولها "... كل موظف عمومي لا يمكنه تقديم تبرير معقول للزيادة المعتبرة التي طرأت في ذمته المالية مقارنة بمداخيله المشروعة."
وفي الفقرة الثالثة من نفس المادة جاء "يعتبر الإثراء غير المشروع المذكور في الفقرة الأولى من هذه المادة جريمة مستمرة تقوم إما بحيازة الممتلكات غير المشروعة أو استغلالها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة."
وعرفت جريمة الإثراء غير المشروع كذلك " يعتبر اثراء غير مشروع كل مال، منقول أو غير منقول، منفعة أو حق منفعة يحصل عليه أي شخص تسري عليه أحكام هذا القانون، لنفسه أو لغيره، بسبب استغلال الوظيفة أو الصفة، وإذا طرأت زيادة على ماله أو على مال أولاده القصر بعد توليه الوظيفة أو قيام الصفة وكانت لا تتناسب مع مواردهم وعجز هذا الشخص عن اثبات مصدر مشروع لتلك الزيادة فتعتبر ناتجة من استغلال الوظيفة أو الصفة." [6]
الركن المادي لجريمة الإثراء غير المشروع
يتكون الركن المادي لجريمة الإثراء غير المشروع من أربعة عناصر [1]متمثلة في وجوب حصول الجاني على مال حيث يضاف على ذمته المالية مال غير مشروع غير متناسب مع موارده ودخله ويكون متحصل نتيجة لاستغلال نفوذه أو صفته أو مركزه، بالإضافة إلى توفر علاقة السببية بين الاستغلال والحصول على المال.
جريمة إساءة استغلال الوظيفة
وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 33 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته والتي جاء فيها: "... كل موظف عمومي أساء استغلال وظائفه أو منصبه عمدا من أجل أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل في إطار ممارسة وظائفه، على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، وذلك بغرض الحصول على منافع غير مستحقة لنفسه أو لشخص أو كيان آخر."
وهي من أهم الجرائم المستحدثة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، حيث عرفت على أنها قيام الموظف العمومي أثناء أداء مهامه بعمل أو امتنع عن عمل بشكل مخالف للقانون والتنظيم، بهدف الحصول على مزية غير مستحقة من الطرف الآخر في الجريمة.
العلة من تجريم فعل إساءة استغلال الوظيفة
يعود سبب تجريم فعل إساءة استغلال الوظيفة إلى جملة من الأسباب نذكر منها [7] :
ما يتضمنه من مساس بمبدأ نزاهة الوظيفة العمومية وإتجار بها.
يعد فعل إساءة استغلال الوظيفة تحضيرا لجريمة رشوة مستقبلية.
باعتباره فعلا تحضيريا لجريمة الرشوة فلا يستوي أن يعتبر شروعا لجريمة رشوة إيجابية مستقبلية، وبالتالي كان من الضروري تجريم الفعل بنص خاص.
الركن المادي
يتكون الركن المادي لجريمة إساءة إلى ثلاثة عناصر تتمثل في [5] :
السلوك الإجرامي: اقتضاء الجريمة سلوكا إيجابيا أو سلبيا من الموظف العمومي والمتمثل في أداء عمل أو الامتناع عن أدائه على نحو يخرق القوانين والتنظيمات.
المناسبة: حيث تقتضي صدور سلوك إجرامي كما سبق بيانه من اختصاص الموظف العمومي، عكس ما هو عليه الأمر بالنسبة للسلوك الإيجابي والذي لا يشترط فيه اختصاص الموظف وقد يكون غير مختص.
الغرض: والمقصود من الغرض هنا هو الحصول على منافع غير مستحقة، أيا كان المستفيد منها سواء كان الموظف نفسه القائم بالنشاط المادي أو غيره، طبيعيا كان أو اعتباريا
والطلب والقبول هو الفيصل بين جريمة الرشوة واستغلال النفوذ وبين جريمة إساءة استغلال الوظيفة، حيث لا يشترط لا الطلب ولا القبول من طرف الجاني، وإنما تقوم بمجرد القيام بالعمل أو الامتناع على نحو يخرق القوانين بغرض الحصول على مزية، التي قد تتحقق أو لا تتحقق.
جريمة اختلاس الأموال من قبل الموظف العمومي
يمكن القول كذلك أن الاختلاس هو كل اعتداء على المال العام ويزيد من خطورة هذا الاعتداء أن للمال صلة وثيقة بالوظيفة التي يعتليها لموظف المسؤول عن الجريمة، اذ يحوزه بسبب وظيفته، وبالتالي الفعل هنا ينطوي على خيانة للأمانة العامة التي القتها الدولة على عاتق الموظف والثقة التي وضعتها فيه حينما عهدت اليه بحيازة المال لحسابها.
نص قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الجزائري في مادته 29 تحت عنوان " اختلاس الممتلكات من قبل موظف عمومي أو استعمالها على نحو غير شرعي" والتي جاء فيها " يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشرة سنوات وبغرامة من 200.000 دج إلى 1.000.000 دج، كل موظف عمومي يبدد عمدا أو يختلس أو يتلف أو يحتجز بدون وجه حق أو يستعمل على نحو غير شرعي لصالحه أو لصالح شخص أو كيان آخر، أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خاصة أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عهد بها إليه بحكم وظيفته أو بسببها."
وبالتالي "تتحقق جريمة اختلاس المال العام بتوافر الشروط التالية:
1- أن يكون الفاعل قاضيا أو موظفا أو من في حكمه.
2- أن يقع اختلاس أو تبديد أو احتجاز بدون حق على أموال عامة أو خاصة.
3- أن تكون هذه الأموال قد سلمت إليه بمقتضى أو بسبب الوظيفة." [8]
الركن المادي
السلوك الإجرامي
يتمثل السلوك الاجرامي لجريمة اختلاس الممتلكات في الاختلاس أو الإتلاف أو التبديد أو الاحتجاز بدون وجه حق . [5]
- الاختلاس: والمقصود منه هنا تحويل الجاني حيازة المال المتواجد تحت يده والمؤتمن عليه من حيازة ناقصة ومؤقتة إلى حيازة كاملة ونهائية بهدف التمليك.
- الإتلاف: أما عن الإتلاف فيتحقق بهلاك الشيء بإعدامه والقضاء عليه، بهدف إفقاد الشيء قيمته أو صلاحيته نهائيا للإضرار بصاحب الشيء، ولا يستوي هنا الإتلاف الجزئي للشيء.
- التبديد: يتحقق التبديد متى تم إخراج الأموال المؤتمن عليها من حيازته باستهلاكها أو التصرف فيها تصرف المالك، ويمكن أن يتحقق التبديد بالإسراف والتبذير (مثل إعطاء قروض دون ضمانات ...)، ومن الجائز أن يشكل التعسف في الاستعمال تبديدا.
- الاحتجاز بدون وجه حق: ويقصد به الاحتجاز العمدي وبدون وجه حق للأموال المؤتمنة لدى المؤمن عليها، حيث الهدف من تجريم الاحتجاز هو الحفاظ على الودائع، وللحفاظ على التي أعد المال لخدمتها.
- الاستعمال على نحو غير شرعي: تتحقق هذه الصورة بالتعسف في استعمال الممتلكات، ويستوي الاستخدام هنا للجاني أو لغيره شخصا كان أو كيانا، ولا تقتضي هذه الصورة الاستيلاء على المال بل يكفي استعماله بطريقة غير شرعية.
محل الجريمة
ومحل الجريمة هنا يجب أن يكون موضوعه أموالا أو أوراقا أو غيرها وجدت في حيازة الموظف بسبب وظيفته .
- المقصود بالأموال
وهي التي حددها المشرع الجزائري في المادة 29 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على النحو التالي:
_ الممتلكات: وهي التي جاء تعريفها في المادة الثانية من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته في فقرتها (و)، والتي يلاحظ من التعريف توسع المشرع الجزائري كثيرا في تعريفه للممتلكات، حيث جاء فيها "الموجودات بكل أنواعها، سواء كانت مالية أو غير مادية، منقولة أو غير منقولة، ملموسة أو غير ملموسة، والمستندات أو السندات القانونية التي تثبت ملكية تلك الموجودات أو وجود الحقوق المتصلة بها."
_ الأموال: ويقصد بها النقود الورقية منها أو المعدنية، والفظ هنا جاء عاما أي لم يحدد طبيعة المال مال للدولة أو للخواص أو حتى وديعة.
_ الأوراق المالية: والمقصود منها القيم المنقولة كالسندات والأسهم والأوراق التجارية.
_ الأشياء الأخرى ذات قيمة: ويمكننا القول أن المشرع كان يقصد من إضافة هذه الصيغة التوسيع من نطاق محل الجريمة، ولم يجعلها على سبيل الحصر. [9]
- طبيعة الأموال المختلسة
والمقصود من طبيعة المال المختلس هو تحديد مصدره إن كان من المال العام أو من الأموال الخاصة، أما في هذا الشأن فيستوي أن يكون المال مملوكا للدولة أو لإحدى هيئاتها أو مؤسساتها العامة، أو خاصا مملوكا للأشخاص الطبيعيين أو المعنويين.
ومن خلال ما جاءت به المادة 29 من ق.و.ف.م نرى أن المشرع أراد أن يحمي المال بالمفهوم المطلق سواء كان مالا عاما أو مالا خاصا، وبالتالي فلا أهمية في تحديد صاحب المال المختلس عند تحديد أركان الجريمة.
علاقة الجاني بمحل الجريمة
يشترط لقيام الجريمة وقيام ركنها المادي أن تكون هناك علاقة بين الجاني ومحل الجريمة، بهدف التمييز بينها وبين ما يتشابه معها من جرائم، ولتتحقق العلاقة لابد من :
أن يكون المال قد سلم للموظف ودخل في حيازته الناقصة، وبالتالي تحقق سيطرته الفعلية على المال.
أن يكون التسليم بحكم الوظيفة أو بسببها، فلا يستوي أن تسلم الأموال للجاني ووظيفة هذا الأخير لا تخوله السلطة على ذلك ولا على الحيازة الناقصة، والأصل كذلك أن يتم التسليم بمحض إرادة واختيار صاحب الممتلكات.
جريمة استغلال النفوذ
ان كانت جريمة الرشوة جريمة الموظف الذي يتاجر بوظيفته فان جريمة استغلال النفوذ هي جريمة صاحب النفوذ الذي يتاجر بنفوذه، ولا تختلف الجريمتين في الخطورة والأهمية، وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 32 والتي جاء فيها "...
1- كل من وعد موظفا عموميا أو أي شخص آخر بأية مزية غير مستحقة أو عرضها عليها أو منحة إياها، بشكل مباشر أو غير مباشر، لتحريض ذلك الموظف العمومي أو الشخص على استغلال نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو من سلطة عمومية على مزية غير مستحقة لصالح المحرض الأصلي على ذلك الفعل أو لصالح أي شخص آخر،
2- كل موظف عمومي أو أي شخص آخر يقوم بشكل مباشر أو غير مباشر، بطلب أو قبول أية مزية غير مستحقة لصالحه أو لصالح شخص آخر لكي يستغل ذلك الموظف العمومي أو الشخص نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية على منافع غير مستحقة."
عرفت جريمة استغلال النفوذ على أنها "المتاجرة بالنفوذ للحصول أو محاولة الحصول لصاحب المصلحة على مزية من السلطة العامة، مفروض بداءة أنه لا شأن لها بأي عمل، أو امتناع داخل حدود وظيفته". [10]
الركن المادي
ندرس في هذا الشأن الركن المادي لكل من صورتي جريمة استغلال النفوذ والتي أبرزها المشرع من خلال المادة 32 بفقرتيها من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، والتي نستخلص منها الصورة الأولى وهي استغلال النفوذ والصورة الثانية وهي التحريض على استغلال النفوذ .
الركن المادي لجريمة استغلال النفوذ
والمتمثل في طلب أو قبول الموظف العمومي أو أي شخص آخر لأي مزية غير مستحقة مقابل استغلال نفوذه لدى السلطات المعنية للحصول على منافع غير مستحقة من إدارة أو سلطة عمومية، بشكل مباشر أو غير مباشر للشخص نفسه أو لصالح شخص آخر، مع اشتراط نفوذ الشخص نفوذا فعليا وحقيقيا.
الركن المادي لجريمة التحريض على استغلال النفوذ
والمقصود هنا الوعد أو العرض أو المنح لأية مزية غير مستحقة لموظف عمومي أو أي شخص آخر بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بهدف استغلال نفوذه الفعلي أو المزعوم، بغرض الحصول على مزية غير مستحقة لصالح المحرض الأصلي أو لصالح أي شخص آخر.
التوسع في تجريم أفعال الفساد
الإعفاء والتخفيض غير القانوني في حقوق الدولة
جريمة التمويل الخفي للأحزاب السياسية
الغدر
جريمة إخفاء عائدات جرائم الفساد
جريمة البلاغ الكيدي
جريمة عدم الإبلاغ عن الجرائم
جريمة التصريح الكاذب بالممتلكات
جريمة عدم التصريح بالممتلكات
جريمة عدم الإفصاح عن تعارض المصالح
جريمة التعرض لمن حققت لهم الحماية (الشهود، المبلغين ...)
تجريم الفساد في القطاع الخاص
أسباب تجريم الفساد في القطاع الخاص
وكما ذكرنا أعلاه نتيجة خطورة جرائم الفساد اتجه كل من التشريع الدولي والتشريع الوطني إلى تجريم بعض الأفعال واعتبارها في القطاع الخاص، مع تجريمها في القوانين المخصصة لمكافحة الفساد، وقد تكون الأسباب الحقيقية وراء تجريم الفساد في القطاع الخاص كثيرة لكن يمكن اختصارها في النقاط التالية : [11]
أسباب تجريم اختلاس الأموال في القطاع الخاص
تعددت أسباب تجريم اختلاس الأموال في القطاع الخاص، ولكن رغم كثرتها ال أنه يمكننا أن نختصرها في هذه الأسباب الثلاثة [12]:
- تعتبر جريمة الاختلاس اهدار لأموال وممتلكات الدولة التي هي في ذات الوقت ملك المجتمع.
- تشكل جريمة اختلاس الأموال ضربا من ضروب خيانة الموظف للأمانة التي أودعت فيه من حيث توليه الوظيفة وضرورة الحفاظ على الأموال أو الممتلكات التي يستولي عليها بحكم هذا المنصب.
-لما تمتلكه الكيانات والمؤسسات في القطاع الخاص من دور في دفع عجلة نظام الاقتصاد نحو الأمام وتحقيق متطلبات التنمية.
الانفتاح المتزايد على نظام السوق الحر، وزيادة انتشار العولمة.
دور القطاع الخاص في تحسين المستويات والمجتمعات والأفراد.
إنتاج الثروة الاقتصادية.
دفع عجلة التنمية إلى الأمام من خلال رفع الناس من الفقر وتوسيع فرص الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات العامة الحيوية.
جريمة الرشوة في القطاع الخاص
أما عن الرشوة في القطاع الخاص هي كل السلوكيات التي ترتكب عمدا أثناء مزاولة أنشطة اقتصادية أو مالية أو تجارية، من وعد بمزية غير مستحقة أو عرضها أو منحها بشكل مباشر أو غير مباشر لأي شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأي صفة، سواء للشخص نفسه أو لغيره، في مقابل القيام أو الامتناع عن فعل ما يعد اخلالا بواجباته.
أو التماس وطلب مزية غير مستحقة بشكل مباشر أو غير مباشر من طرف شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأي صفة، سواء للشخص نفسه أو لغيره، في مقابل القيام أو الامتناع عن فعل ما يعد اخلالا بواجباته.
أركان جريمة الرشوة في القطاع الخاص
عدا صفة الجاني في صورة الرشوة السلبية والمستفيد من المزية في صورة الرشوة الايجابية، لا تختلف أركان جريمة الرشوة في القطاع الخاص المنصوص عليها في المادة 40 عن رشوة الموظفين العموميين المنصوص عليها في المادة 25 من نفس القانون.
الركن المادي لجريمة الرشوة السلبية
كما ذكرنا أعلاه فلا اختلاف بين عناصر الركن المادي لجريمة الرشوة في الصورة الإيجابية بين القطاعين العام والخاص، إلا في صفة الجاني وهو ما سيتم بيانه فيم يلي:
- صفة الجاني: بحسب ما جاءت به المادة 40 في فقرتها الثانية من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، أن يكون الجاني شخصا يدير كيانا
عرف مصطلح كيان من خلال المادة الثانية الفقرة هـ من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته على أنه "مجموعة من العناصر المالية أو غير المادية أو من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المنظمين بغرض بلوغ هدف معين"، دون أن تحدد مجال نشاط هذا الكيان.تابعا للقطاع الخاص أو يعمل لديه بأية صفة كانت، دون تحديد لمجال نشاط الكيان المستخدم للجاني (اقتصادي، مالي، تجاري)، ما يسمح بارتكاب الجريمة من طرف كل من يدير أو يعمل في كيان ما مهما كان شكله القانوني وغرضه، ومهما كانت وظيفة الجاني فيه. [5]
الركن المادي لجريمة الرشوة الإيجابية
أما عن الركن المادي لجريمة الرشوة في صورتها الإيجابية فلا اشتراط في صفة الجاني، حيث لا تكون للراشي صفة معينة فالكل معني بالرشوة بمجرد عرها أو منحها أو الوعد بها، وانما يكمن الاختلاف بين الرشوة في القطاع الخاص ورشوة الموظفين العموميين في الصورة السلبية، وهو ما سيتم بيانه.
- المستفيد من المزية غير المستحقة: من خلال المادة 40 في الفقرة 1 نرى أن المادة اشترطت أن يكون المستفيد من المزية الموعود بها أو الممنوحة أو المعروضة شخصا يدير كيانا، أو يعمل لديه بأية صفة كانت، عكس ما هو عليه في الرشوة في القطاع العام حيث يشترط أن يكون المستفيد موظف عمومي. [5]
جريمة اختلاس الأموال في القطاع الخاص
لا يخرج تعريف الاختلاس عنما ذكر سابقا في مما تطرقنا اليه من تعاريف بالنسبة للاختلاس في القطاع العام، والذي عرف على أنه "استيلاء الموظف وبدون وجه حق على أموال عامة أو خاصة، وجدت في عهدته بسبب أو بمقتضى وظيفته." [13]
أركان جريمة الاختلاس الأموال في القطاع الخاص
تقوم جريمة اختلاس الأموال في القطاع الخاص على 3 عناصر نتعرف عليها فيما يلي:
صفة الجاني
من خلال استقراء المادة 41 من قانون الوقاية من الفساد ومكافحته نجد أن الجاني شخص يدير كيانا تابعا للقطاع الخاص ذو رأس مال خاص، أو يعمل فيه بأي صفة كانت.
ونخص بالذكر الكيان الذي ينشط بهدف الربح، وكذلك لا ينطبق الأمر على الشخص الذي يرتكب سلوك الاختلاس بمفرده وهو لا ينتمي إلى أي كيان ولا علاقة له بأي كيان.
الركن المادي
يتمثل الركن المادي لجريمة اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص في العناصر التالية [9]:
- السلوك المجرم: يتمثل السلوك المجرم في جريمة اختلاس الأموال في القطاع الخاص في سلوك الاختلاس دون باقي الصور التي جرمها المشرع في الاختلاس في القطاع العام أي عندما يتعلق الأمر باختلاس ممتلكات عمومية، ويتحقق الاختلاس هنا بمجرد إتيان الجاني لكل سلوك يفيد تحول حيازته الناقصة للمال إلى حيازة كاملة.
- محل الجريمة: بالنسبة لمحل الجريمة فتشترك جريمة الاختلاس في المحل في القطاعين العام والخاص، مع التشديد فقط على الطابع الخاص للأموال محل الجريمة في المادة 41.
- علاقة الجاني بمحل الجريمة: يشترط لقيام الركن المادي في جريمة الاختلاس أن يكون المال المختلس قد سلم للجاني بحكم وظيفته والمهام الموكلة إليه، أي توفر صلة السببية بين حيازة المال ووظيفة الجاني.
- مناسبة الاختلاس: تشترط المادة 41 من قانون الفساد ارتكاب الجريمة أثناء مزاولة نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري في القطاع الخاص، تابع لكيان رأس ماله خاص.
تجريم الفساد في الصفقات العمومية
يمكننا أن نستخلص من خلال استقراء مواد قانون الوقاية من الفساد ومكافحته بالإضافة إلى مواد المرسوم الرئاسي رقم 15-247 والذي سعى كل منهما إلى مكافحة الفساد من خلال تبني مبادئ في إبرام الصفقات العموميةيقصد بالصفقة العمومية نوعا من أنواع العقود الإدارية الذي يعتبر أهم أطرافه جهة عمومية تستعمل أموالا عامة لغرض مصلحة عامة وتجريم سلوكيات ماسة بهذه المبادئ.
نص القانون رقم 06-01 على العديد من الجرائم والجزاءات في مجال الصفقات العمومية وذلك بتجريمه بعض التصرفات والأفعال الماسة بمبادئ إبرام الصفقات العمومية.
جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية
جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من ق.و.ف.م والتي جاء في نصها "... كل موظف عمومي يأخذ أو يتلقى إما مباشرة وإما بعقد صوري وإما عن طريق شخص آخر فوائد من العقود والمزايدات أو المناقصات أو المقاولات أو المؤسسات التي يكون وقت ارتكاب الفعل مديرا لها أو مشرفا عليها بصفة كلية أو جزئية، وكذلك من يكون مكلفا بتصفية أمر ما ويأخذ منه فوائد أيا كانت". وهي الجريمة التي تكاد أن تنطبق مع جريمة المحاباة أو ما تسمى بجريمة إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، تتحقق هذه الجريمة بتدخل الموظف في الأعمال التي أحيلت عليه إدارتها أو رقابتها، فيقوم باستغلال وظيفته بالعمل على تحقيق مصلحة خاصة. [14]
أركان جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية
صفة الجاني
اشترطت المادة 35 من قانون الوقاية من الفساد أن تتوافر صفة الموظف العمومي في الجاني كغيرها من جرائم الفساد ، ولكن حصرت الأمر في الموظف الذي يدير أو يشرف بصفة كلية أو جزئية على العقود أو المزايدات أو المناقصات أو المقاولات أو الموظف الذي يكون مكلفا بإصدار إذن بالدفع في عملية أو يكون مكلفا بتصفية أمر ما.
الركن المادي
يتحقق الركن المادي في جريمة أخذ فوائد بصفة غير قانونية، بمجرد تلقي أو قبض الجاني وهو الموظف العمومي على فائدة وعمولات من العقود والمزايدات والمناقصات والمقاولات والمؤسسات التي يكون فيها هذا الموظف طرفا بصفته مديرا أو مشرفا على العملية، أو يكون كما جاء في المادة 35 مكلفا بإصدار أذونات دفع في عملية ما أو تصفية أمر ما، بمعنى تمتع الجاني بسلطة عامة أو مكلف بخدمة تعطيه الحق في المداولة والإدارة أو التصفية أو حراسة العمية باسم السلطة العامة.
جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميين للحصول على امتيازات غير مبررة
وهي الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 26 والتي جاء فيها "... 2- كل تاجر أو صناعي أو حرفي أو مقاول من القطاع الخاص، أو بصفة عامة كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم، ولو بصفة عرضية، بإبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات أو الهيئات العمومية الخاضعة للقانون العام أو المؤسسات العمومية الاقتصادية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، ويستفيد من سلطة أو تأثير أعوان الهيئات المذكورة من أجل الزيادة في الأسعار التي يطبقونها عادة أو من أجل التعديل لصالحهم في نوعية المواد أو الخدمات أو آجال التسليم أو التموين."
تمثل هذه الجريمة الصورة الثانية لجريمة منح الامتيازات غير المبررة [15]، كما يمكننا أن نلاحظ أنها مقترنة بجنحة المحاباة وتكاد تتطابق معها سواء من حيث نص التجريم أو من حيث الوقائع، فالاختلاف بينهما فقط يكمن في صفة الجاني، ما يجعلها هي أيضا من جرائم الصفة [16] .
أركان جريمة استغلال نفوذ الأعوان العموميين للحصول على امتيازات غير مبررة
صفة الجاني
من خلال نص المادة 26 الفقرة الثانية نجد أن الجاني هنا يكون تاجرا أو صناعيا أو حرفيا، أو مقاولا من القطاع الخاص في التشريع القديم، ثم ألغيت لتصبح دون تحديد لصفته واكتفت أن يكون شخصا طبيعيا أو معنويا من القطاع الخاص دون الأشخاص المعنوية في القطاع العام، ويطلق عليهم تسمية الأعوان الاقتصاديين والمتعاملين المتعاقدين في حالة إبرام صفقة عمومية أو اتفاقية وفقا لأحكام قانون تنظيم الصفقات العمومية، أما الشخص الطبيعي هو كل شخص يبرم عقدا مع المؤسسات أو الهيئات العمومية، ويحوز صفة التاجر أو الحرفي، والشخص المعنوي فيتمثل عموما في شركات الخدمات والتجهيزات ...
الركن المادي
- النشاط الإجرامي: ويتمثل في استغلال سلطة أو تأثير أعوان الدولة والهيئات التابعة لها بمناسبة إبرام عقد أو صفقة مع الدولة أو إحدى الهيئات التابعة لها.
- الغرض من استغلال نفوذ الأعوان العموميين: وهنا يجب أن يستغل التاجر سلطة الأعوان العموميين من أجل: الزيادة في الأسعار أو التعديل في نوعية المواد، التعديل في نوعية الخدمات، التعديل في آجال التسليم أو التموين، كون هذه الجريمة تنطبق دائما على البائع لا على المشتري.
جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية
وجاءت الرشوة في الصفقات العمومية في أحكام المادتين 27 و26 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته، ويتمثل هذا النوع من الرشوة في التصرفات التي يقوم بها كل موظف عمومي من قبض أو محاولة قبض أجرة أو منفعة له أو لغيره بصفة مباشرة كانت أو غير مباشرة، بهدف تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد أو ملحق باسم الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات الاقتصادية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري أو ذات الطابع الصناعي والتجاري .
ومن خلال استقراء المادة 27 من ق.و.ف.م نرى أنها تشترك مع جريمة رشوة الموظفين العموميين في صورتها السلبية، كما أنها تختلف معها في بعض الأحكام، حيث أن المشرع حدد وعاقب الجاني المرتشي الموظف الذي يقبض المولات أو يحاول ذلك دون أن ينص على تجريم وعقاب الطرف الثاني والمتمثل في الراشي. [15]
أركان الرشوة في الصفقات العمومية
النشاط الإجرامي: يتمثل النشاط الإجرامي لجريمة الرشوة في الصفقات العمومية بقبض أو محاولة قبض الموظف لنفسه أو لغيره بصفة مباشرة أو غير مباشرة، أجرة أو منفعة بمناسبة تحضير أو إجراء مفارقات قصد إبرام أو تنفيذ صفقة أو عقد الملحق.
- الغرض من النشاط الإجرامي: وهو الأمر الذي من أجله قبض المرتشي المقابل أو المنفعة أو الأجر، وحصر المشرع بحسب المادة 27 الأعمال التي تمكن الجاني من المتاجرة بها بغرض الرشوة والتي لها صلة مباشرة بالصفقات العمومية وتنفيذها في ثلاث عمليات هي:
- تحضير أو إجراء مفاوضات قصد إبرام أو تنفيذ صفقته، أو عقد، أو ملحق.
جريمة المحاباة
جريمة المحاباة هي التسمية الفقهية للجريمة المتعلقة بفعل إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، والتي ذكرها المشرع الجزائري في المادة 26 الفقرة 1 من ق.و.ف.م، التي مسها التعديل القانوني لسنة 2011 ليضيف عليها عنصر العمد، فجاء في المادة " ... 1-كل موظف عمومي يمنح، عمدا، للغير امتيازا غير مبرر عند إبرام أو تأشير عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق، مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية الإجراءات."
أركان جريمة المحاباة
النشاط الإجرامي: يتحقق النشاط الإجرامي بمجرد قيام الموظف بإبرام أو تأشير عقد أو اتفاقية أو صفقة أو ملحق مخالفا بذلك الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة أساسا بحرية الترشح والمساواة بين المترشحين وشفافية الإجراءات
الغرض من النشاط الإجرامي: يشترط المشرع أن يكون الهدف من مخالفة النصوص هو المحاباة وتفضيل أحد المتنافسين على غيره، وتمييزه تمييزا غير سائغ قانونا، مع ضرورة أن تكون الامتيازات الممنوحة أثناء ابرام أو تأشيرة صفقة أو عقد أو اتفاقية أو ملحق غير مبررة وغير مستحقة. [17]
