Topic outline
التعريف بالمقياس:
التعريف بالمقياس
المستوى: ليسانس سنة ثالثة، تخصص لسانيات تطبيقية
الميدان: اللغة والأدب العربي
السداسي: السادس
المادة: الحكامة والمواطنة (محاضرة )
وحدة التعليمية: وحدة التعليم الأفقية
المعامل:1
الرصيد:1
المدة: 1:30 سا أسبوعيا
تقييم: امتحان نظري نهاية السداسي
الأستاذة المكلفة بدريسه: قادري آسيا
الأهداف التعليمية:
تعريف الطالب مصطلحات التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعيةالحكامة والمواطنة.
الاتزام بالواجبات اتجاه الوطن والمجتمع والمطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية ..لتحقيق المواطنة.
معلومات الاتصال:
الأستاذة: قادري آسيا
قسم اللغة والأدب العربي
المركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف ميلة
رقم الهاتف:0796320271
البريد الالكتروني:
kadri.a@centre-univ-mila.dz
أيام التواجد في المعهد: الثلاثاء و الأربعاء.
البرنامج المفصل للمادة:
1 مفاهيم ومصطلحات والأهداف
2الحكامة السياسية ودولة القانون
3 المواطنة والمشاركة السياسية والممارسات الانتخابية
4 الديمقراطية والتنوع العرقي والديني والثقافي
5 الحكامة السياسية والحريات الفردية والجماعية
6 النوع والمشاركة في الحياة الاقتصادية والثقافية
7 المواطنة والتاريخ
8 الإدارة العمومية ومكافحة الفساد والفقر والاقصاء
9 تأثير سياسات الحكامة على إصبلاحات الإدارة العمومية
10 الجهوية بين المناطقية وسياسة الجوار
11 حكامة المدن ومواطنة الحضرية
12 الحكامة الرشيدة للمالية العمومية ومحاربة الفساد
13 شروط الوظيفة العمومية المسؤولية والفعالة والمؤاثرة
14 المواطنة وحكامة الشأن العام.
محاضرة مفهوم الحكامة:
مقدمة:
أضحى مفهوم الحكامة، في الوقت الحالي، مفهوما رائدا ومنتشرا بقوة، في كل ميادين المعرفة الإنسانية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية، أصبح هذا المفهوم "الجديد المتجدد" باستمرار، مطلبا "إبستيميا" راهنا ملحا، غالبا ما يجد تطبيقاته المتعددة والمتشعبة، في ميادين مختلفة: الاقتصاد، السياسة، ....مما يدل على أن اعطاء تعريف واضح المعالم لمصطلح الحكامة هو من باب المستحيل، لأنه مصطلح متشعب ينمو ويتجدد في مختلف التخصصات، فهو دائم الحركة والتجدد.
تعريف الحكامة:
إن أبسط تعريف يمكن أن يعطى لهذه المصطلح هو تعريف البنك الدولي الذي عرفها سنة 1992: هي ((الطريقة التي بواسطتها تتم ممارسة السلطة في مجال تسيير الموارد الاقتصادية والاجتماعية في بلد ما من أجل التنمية)) ومنه فان الحكامة تعني طريقة تسيير كل الموارد الاقتصادية والاجتماعية... اي كل موارد تنمية الدولة، للسيطرة عليها وتوجيهها.
والجدير بالذكر أن الحكامة أو الحوكمة أو الحاكمية أو الحكم الراشد كلها تدل على معنى واحد وهو التحكم في الموارد البشرية والاقتصادية وتوجيهها وفق تسيير حكيم لأجل تحقيق التنمية الاقتصادية لتلك الدولة.
ولكن المتتبع لعدد من التعريفات التي منحت لهذا المصطلح من طرق المؤسسة الدولية البنك الدولي فإننا نستنج مباشرة أن هناك ظروف تاريخية ومناخية وسياسية واقتصادية....تتحكم فيه، لذا ندرج هذا التعريف التالي مقارنة بالتعريف السابق:
ففي تقريره سنة 1999 حول التنمية عرف الحكامة بأنها ((العمليات والمؤسسات التي بواسطتها تمارس السلطة في بلد ما))، وبالمقارنة بالتعريف السابق نستنتج ان التعريف يخضع للظروف الاقتصادية والسياسية لتلك الدولة وكيفية تحكمها لمواردها المختلفة .
ويعرف صندوق النقد الدولي الحكامة الجيدة بأنها: ((هي التي تغطي جميع جوانب إدارة الشؤون العامة، القابلة للتطبيق في البلدان المستفيدة من المساعدات التقنية، وترتبط ارتباطا وثيقا ببرامج مكافحة الفساد، فقانون الحكامة الجيد له صلة بالإدارة العمومية وموجه لجعل القرارات السياسية والاقتصادية أكثر شفافية للوصول إلى الحد الأقصى من المعلومات حوبل المالية العامة، وتوحيد مماراسات التدقيق والمراقبة))
بعد هذه التعريفات نأكد أن الحكامة على اتساعه وشموليته الا ان الركيزة الأساسية فيه انها آلية من \أليات تحقيق التنمية ، ولعل بعد هذا التعدد في تعريفاتها فإن لها اربع أبعاد، نوردها مثما وضعتها الاستاذة وحيدة بوقنوس في محاضراتها "الحكامة والمواكنة"وهي:
أبعاد الحكامة:
1البعد السياسي: ويقوم على احترام حقوق الانسان والحريات المدنية والسياسية، وقيام الدولة، بتحقيق الديمقراطية وتفعيل المشاركة السياسية واحترام القانون.
2البعد التقني: ويعني التسيير الفعال والشفاف للموارد المادية والبشرية للمجتمع، وتفعيل الديمقراطية المحلية.
3البعد الاقتصادي: أي فتح المجال أمام القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي، دون تخصيص القطاع العمومي لا متيازات وطذا العلاقة بين الحوكمة وحجم الاستثمار من جهة والقضاء على الفساد من جهة ثانية لتحقيق التنمية
4البعد الإداري: فمفهوم الحكامة يتبلور حول مقومات الإدارة الناجحة، وأن من أهم التحديات المعاصرة التي تواجه الإدارة في ظل النظام الاقتصادي والسياسي هو الانتقال بفكرة الادارة والحكم من الحكومة إلى الحكامة.
أهداف الحكامة: نردها مثلما أوجزتها الأستاذ وحيدة بوقنوس في محاضراتها:
1/ تحسين القدرة التنافسية للشركات والإدارات من أجل زيادة قيمتها .
2/ فرض الرقابة الفعالة على أداء الشركات ودعم المساءلة المحاسبية.
3/ تقويم أداء الإدارة العليا وتعزيز المساءلة ورفع درجة الثقة فيها
4/ تعميق ثقافة الالتزام بالقوانين والمبادئ والمعايير المتفق عليها.
5/ تحقيق العدالة والشفافية ومحاربة الفساد.
6/ مراعاة مصالح الأطراف المختلفة وتفعيل التواصل معهم.
الحكامة السياسية ودولة القانون:
ورد مفهوم الحوكمة بداية في تقارير البنك الدولي في نهاية الثمانينات في إطار عمليات تقييم المؤسسات وأنظمة العمل والحكم وغيرها، فجاء من عالم الاقتصاد وإدارة الأعمال والشركات أولا، ومنه إلى المنظمات والمؤسسات المتنوعة، ثم إلى المؤسسات والهيئات السياسية، ومن ثم تعددت أشكال الحوكمة ومن أشكالها الحوكمة السياسية التي يقصد بها:
"تطوير أنظمة الحكم والإدارة وفق معايير قانونية، وقيمية أخلاقية متفق عليها ومحددة في صورة مؤشرات عملية واقعية يمكن قياسها والتأكد منها، ومن ثم إخضاع عمليات تأسيس المؤسسات وصنع السياسات، وتخطيط وتنفيذ المشروعات لهذه المعايير، أهم هذه المعايير التي شكلت جوهر الحوكمة هي: القانونية، والشفافية، والإفصاح، وتداول المعلومات، والعلنية، والرقابة، والمحاسبية، والمساءلة، والتقييم المستمر، وجماعية (ديمقراطية) القرار" (مدخل في علم السياسة نادية محمود مصطفى ص245/246)
وقد استعمل مفهوم الحكامة السياسية من طرف منظري العمل العمومي وعلماء السياسة والاجتماع كآداة ووسيلة لشرعية التدبير السياسي، كما استخدم أيضا باعتباره مفهوما يهتم بعلاقة الإدارة بالسياسة والاقتصاد والاجتماع.
وبمعنى أدق هي " أسلوب ممارسة السلطة في المجال السياسي ابتداءا من الدستور والمؤسسات والهيئات الدستورية والقوانين مرورا بمبدأ الفصل بين السلطات وتكريس دولة الحق والقانون، ووصولا إلى احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية للمواطنين"
تتعالق وتتداخل الحكامة السياسية مع الديمقراطية فالوجه الديمقراطي الأكثر بروزا في ملامح الحكامة السياسية هو إشراك كل الفاعلين من مجتمع مدني وقطاع خاص ودولة في عملية اتخاذ القرار. وفي إطار الحكم الراشد فإن الدولة هي دولة القانون (مطبوعة مغزيلي نوال ميلة)
والتي يعنى بها الدولة الدستورية " الدولة التي تضمن الحقوق الفردية للمواطنين ضد تعسف السلطة وهذا بواسطة نظامها الدستوري والقانوني "
وهي أيضا "الدولة التي تكون فيها القواعد القانونية سارية على الحكام ومقيّدة لسلطاتهم باسم الاعتراف بالحريات العامة وحقوق الفرد" (مطبوعة محمد الصديق معوش)
وهي "كمبدأ للحكم يخضع من خلاله مجموع الأشخاص والمؤسسات والكيانات العامة والخاصة بما فيها الدولة ذاتها للقوانين الصادرة والمعلنة، حيث تطبق عل الجميع وبشكل مستقل ومتماش مع القوانين والمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان"
· مبادئ دولة القانون:
ü المساواة أمام القانون وعدم التمييز بسبب الجنس، أواللغة، أوالدين...
ü سيادة الدستور الوطني الذي يضبط السلطة من جهة ويضمن حقوق وحريات المواطنين من جهة أخرى.
ü الفصل بين السلطات (التنفيذية "الرئاسة والحكومة")، (التشريعية "البرلمان")، (القضائية "المحاكم") حيث تعمل كل سلطة حسب اختصاصها وتحد من سلطة بعضها البعض وتوفر الضوابط والتوازنات بينها.
ü تفعيل شفافية الدولة واشتراط تبريرات منطقية لجميع أفعال الدولة.
ü التسلسل الهرمي للقوانين واشتراط الوضوح والتحديد. (مطبوعة بودرع بلقاسم)
ü الرقابة القضائية على الأعمال الإدارية (نوال مغزيلي)
· مقومات دولة القانون:
سمو الدستور، مبدأ تدرج القوانين، الرقابة على دستورية القوانين، استقلالية القضاء، الفصل بين السلطات، التعددية الحزبية، التداول على السلطة، وهي مقومات وعناصر لا يمكن قيام دولة القانون دون توفرها (مطبوعة كاهية أحلام)
العلاقة الحكامة السياسية بدولة القانون هي علاقة ترابط وتكامل، فدولة القانون هي معيار أو مؤشر أساسي للحكامة فلا وجود للحكامة في ظل دولة لا يسودها القانون (دولة القانون) ولاتسودها الديمقراطية. (نوال مغزيلي).
الديمقراطية والتنوع الثقافي والعرقي والديني:
تعتبر فكرة الديمقراطية من أكثر المسائل التي أثارت ومازالت تثير جدلاً واختلافاً كبيرين، وهذا لأننا نجد أن الديمقراطية شعار يرفع على نطاق واسع مع اختلاف وجهات النظر، مما أدى إلى جعل هذه الفكرة يكتنفها الغموض، ويشتد حولها الخلاف والجدل. ولفك اللبس الذي يحيط بهذه الفكرة وتوضيح معناها، ذلك أنه لا يمكن الحديث عن تطبيق فعلي وحقيقي للديمقراطية، ما لم يتم تكريس مجموع المبادئ والمقومات والخصائص التي يتميز بها هذا المفهوم. وعليه يمكن القول أن هناك مجموعة من المبادئ والأسس التي ما لم يتم تكريسها تبقى الديمقراطية مجرد معاني جوفاء، وشعارات دون تطبيق حقيقي.
أولاً: مفهوم الديمقراطية
مثلما كانت الفلسفة اختراعاً يونانياً، فكذلك كانت الديمقراطية ابتكاراً يونانياً، فقد أخذت مكانها في اللغة الإغريقية وانتقلت منها مثل الفلسفة إلى اللغات كافة بعد ذلك، وكانت مدينة أثينا محل ميلاد الديمقراطية، فقد لعبت دوراً فعالاً في إنماء ونضج الديمقراطية، إلى جانب الفلسفة، ومن أبرز مظاهر الارتباط بموطن الاختراع، أن الفلسفة اليونانية بلغت أوج ازدهارها في ظل سيادة الديمقراطية في أثينا.
فلفظة الديمقراطية تختلف من لغة إلى أخرى، إلا أنها في الأساس تعود إلى اللغة اليونانية القديمة وهي مكونة من مقطعين "Demos" وتعني " الشعب"، وكلمة "Kratos" أي " حكم " أو "سلطة"، وبذلك تصبح الكلمة: "Demoskratos" أي " حكم الشعب".
وعليه يمكن القول أن لفظة " ديمقراطية" أصلها كلمة يونانية مركبة في لفظين، ونلاحظ أن هذه اللفظة قد تمت استعارتها واستعمالها في باقي اللغات الأخرى ومنها العربية. أما إذا بحثنا في التعريفات التي جاء بها الفقهاء للديمقراطية فلا مجال لتعدادها أو حصرها، ولكننا حاولنا تصنيفها إلى مجموعات تتفق أو تدور حول فكرة معينة، ونتولى كلا منها بالتحليل والمناقشة والنقد، بغية الوصول إلى تعريف جامع مانع لهذه الفكرة.
بحيث نجد أن هناك التعريف الكلاسيكي للديمقراطية أنها " حكم الشعب"، أو حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه، فالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية منبثقة من الشعب، وتحكم أيضاً باسم الشعب، والشعب باختياره يقوم بتنصيب حكامه.
وبعبارة أخرى أكثر اختصاراً يعرفها البعض أنها حكومة الشعب بواسطة الشعب، وهو المعنى نفسه الذي قدمه أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن الـــــ 18، وهو الرئيس إبراهام لنكولن بقوله: "الديمقراطية هي حكم الشعب بواسطة الشعب ولأجل الشعب".
الملاحظ أن التعاريف السابقة تركز على اعتبار الديمقراطية مصدرها الشعب كونها تمارس من طرفه في مواجهة الشعب من أجل تحقيق أهداف تعود للشعب ذاته، وتجدر الإشارة إلى أن المقصود هنا بحكم الشعب هو الشعب بالمفهوم السياسي، أي مجموع الأفراد التي تتوافر فيهم شروط الناخب، أي مجموع الناخبين في الدولة، فهذا الأخير هو الذي يمارس الحكم من أجل تحقيق أهداف تعود على الشعب بالمفهومين السياسي والاجتماعي.
لكن هذه التعاريف الكلاسيكية واجهت جملة من الانتقادات التي يمكن إيرادها فيما يلي:
- النقد الذي يوجه لهذا التعريف أن هذا الأخير يجعل استصدار كافة القوانين والقرارات الخاصة بإدارة شؤون الدولة بإجماع آراء المواطنين، وهذا الكلام إذا كان يبدو مقبولاً من الناحية النظرية إلا أنه عملياً غير قابل للتطبيق، وهذا لأن القوانين والقرارات تحتاج إلى كفاءات وخبرات معينة، قد لا تتوافر في مختلف فئات الشعب هذا من جهة، ومن جهة ثانية هذا الأمر صعب التطبيق من الناحية العملية لصعوبة الحصول على إجماع كافة المواطنين على كل ما يصدر في الدولة في قوانين وقرارات، كما أن هذه الطريقة ستؤدي إلى تعقيد وطول إجراءات إصدار أي قانون أو قرار في الدولة.
بالتالي فالديمقراطية لم تبلغ غايتها المثالية بعد وهي " حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب" بل هي لم تحقق بعد حكم الشعب، بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما هي كما دعاها روبرت دال نظام حكم الكثرة، لذلك فإن الممارسة الديمقراطية حالياً ليست سوى نفي حكم الفرد المطلق، وحكم القلة، وتجاوزهما إلى تحقيق حكم الكثرة، الساعي للوصول إلى حكم الشعب. وعليه فأن تعريف الديمقراطية بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب وللشعب لا يطابق الحقيقة، ومن ثم فقد استبدل روسو قاعدة الإجماع بقاعدة الأغلبية، وقاعدة الإجماع وإن كان تطبيقها ضماناً تاماً لاحترام الحريات الفردية إلا أنها مستحيلة من الناحية العملية، ولذلك فإن قاعدة الأغلبية من الأمور المقبولة عقلاً وعملاً.
محاضرة المواطنة:
تمهيد:
يعد مصطلح المواطنة مصطلحا معاصرا ، بحيث أصبح يرد في الفكر المعاصر ويتكرر كثيرا ويحمل معاني جديدة ومتطورة ولها علاقة وطيدة بالمجتمع المعاصر، إلا انه كان يرد في الماضي ويعني ((الاشتراك مع الآخرين في حيز جغرافي يسمى الوطن، بحيث يطغى على هذا الاشتراك طابع الشعور العاطفي، الذي يحرك الإنسان في نشاطاته وعلاقاته مع الآخرين.)) ولكن في المجتمع المعاصر تطور المفهوم ليصبح يعني نوع جديد من ((العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين المواظنيين, ولم تأخذ المواطنة معناها الحديث إلا بعد ظهور وتكوين الكيانات السياسية، وهو ماساهم في تطور معناها من اشتراك المواطنيين في الشعور ابلعاطفي اتجاه الكيان في مجتمع سياسي وما ينتج عن ذلك من حقوق ووا جبات.))
تعريف المواطنة:
نقتصر هنا على ذكر التعريف الاصطلاحي الوارد في محاضرات الأستاذة أمينة تجاني:
المواطنة: هي ((صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه اتنماؤه إلى وطن، وأهمها واجب الخدمة العسكرية وواجب المشاركة المالية في ميزانية الدولة.
وحسب دائرة المعارف البريطانية هي((علاقة بين فرد ودولة كما حددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة.))
العلاقة بين الحكامة والمواطنة:
شرحت الاستاذ أمينة تيجاني في محاضراتها "الحكامة والمواطنة" ، بقولها: هي علاقة تكامل، لا يمكن تناول الحكامة بالدرس والتوضيح والتحليل دون ربطها بالمواطنة، خاصة وأن المقياس قد جمعهما بقصد من أجل الوقوف على طبيعة الصلة بينهما، والمتمثلة في ابلمعادلة القائلة: "تتحقق المواطنة عندما ينجح المواطنفي ممارستها بحكامة عالية الجودة"
وأما العلاقة بين مفهوم المواطنةوالمواطن، فتكمن في كون المواطنة لا تتحقق دون وجود مواطن يعرف جيدا حقوقه وواجباته في وطنة، فلا مواطنة دون مواطن ولا مواطن إلا بمشاركة حقيقية في شؤون الوطن على مختلف مستوياته.
الحكامة السياسية ودولة القانون:
ورد مفهوم الحوكمة بداية في تقارير البنك الدولي في نهاية الثمانينات في إطار عمليات تقييم المؤسسات وأنظمة العمل والحكم وغيرها، فجاء من عالم الاقتصاد وإدارة الأعمال والشركات أولا، ومنه إلى المنظمات والمؤسسات المتنوعة، ثم إلى المؤسسات والهيئات السياسية، ومن ثم تعددت أشكال الحوكمة ومن أشكالها الحوكمة السياسية التي يقصد بها:
"تطوير أنظمة الحكم والإدارة وفق معايير قانونية، وقيمية أخلاقية متفق عليها ومحددة في صورة مؤشرات عملية واقعية يمكن قياسها والتأكد منها، ومن ثم إخضاع عمليات تأسيس المؤسسات وصنع السياسات، وتخطيط وتنفيذ المشروعات لهذه المعايير، أهم هذه المعايير التي شكلت جوهر الحوكمة هي: القانونية، والشفافية، والإفصاح، وتداول المعلومات، والعلنية، والرقابة، والمحاسبية، والمساءلة، والتقييم المستمر، وجماعية (ديمقراطية) القرار" (مدخل في علم السياسة نادية محمود مصطفى ص245/246)
وقد استعمل مفهوم الحكامة السياسية من طرف منظري العمل العمومي وعلماء السياسة والاجتماع كآداة ووسيلة لشرعية التدبير السياسي، كما استخدم أيضا باعتباره مفهوما يهتم بعلاقة الإدارة بالسياسة والاقتصاد والاجتماع.
وبمعنى أدق هي " أسلوب ممارسة السلطة في المجال السياسي ابتداءا من الدستور والمؤسسات والهيئات الدستورية والقوانين مرورا بمبدأ الفصل بين السلطات وتكريس دولة الحق والقانون، ووصولا إلى احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية للمواطنين"
تتعالق وتتداخل الحكامة السياسية مع الديمقراطية فالوجه الديمقراطي الأكثر بروزا في ملامح الحكامة السياسية هو إشراك كل الفاعلين من مجتمع مدني وقطاع خاص ودولة في عملية اتخاذ القرار. وفي إطار الحكم الراشد فإن الدولة هي دولة القانون (مطبوعة مغزيلي نوال ميلة)
والتي يعنى بها الدولة الدستورية " الدولة التي تضمن الحقوق الفردية للمواطنين ضد تعسف السلطة وهذا بواسطة نظامها الدستوري والقانوني "
وهي أيضا "الدولة التي تكون فيها القواعد القانونية سارية على الحكام ومقيّدة لسلطاتهم باسم الاعتراف بالحريات العامة وحقوق الفرد" (مطبوعة محمد الصديق معوش)
وهي "كمبدأ للحكم يخضع من خلاله مجموع الأشخاص والمؤسسات والكيانات العامة والخاصة بما فيها الدولة ذاتها للقوانين الصادرة والمعلنة، حيث تطبق عل الجميع وبشكل مستقل ومتماش مع القوانين والمعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان"
· مبادئ دولة القانون:
ü المساواة أمام القانون وعدم التمييز بسبب الجنس، أواللغة، أوالدين...
ü سيادة الدستور الوطني الذي يضبط السلطة من جهة ويضمن حقوق وحريات المواطنين من جهة أخرى.
ü الفصل بين السلطات (التنفيذية "الرئاسة والحكومة")، (التشريعية "البرلمان")، (القضائية "المحاكم") حيث تعمل كل سلطة حسب اختصاصها وتحد من سلطة بعضها البعض وتوفر الضوابط والتوازنات بينها.
ü تفعيل شفافية الدولة واشتراط تبريرات منطقية لجميع أفعال الدولة.
ü التسلسل الهرمي للقوانين واشتراط الوضوح والتحديد. (مطبوعة بودرع بلقاسم)
ü الرقابة القضائية على الأعمال الإدارية (نوال مغزيلي)
· مقومات دولة القانون:
سمو الدستور، مبدأ تدرج القوانين، الرقابة على دستورية القوانين، استقلالية القضاء، الفصل بين السلطات، التعددية الحزبية، التداول على السلطة، وهي مقومات وعناصر لا يمكن قيام دولة القانون دون توفرها (مطبوعة كاهية أحلام)
العلاقة الحكامة السياسية بدولة القانون هي علاقة ترابط وتكامل، فدولة القانون هي معيار أو مؤشر أساسي للحكامة فلا وجود للحكامة في ظل دولة لا يسودها القانون (دولة القانون) ولاتسودها الديمقراطية. (نوال مغزيلي).
الديمقراطية والتنوع الثقافي والعرقي والديني:
تعتبر فكرة الديمقراطية من أكثر المسائل التي أثارت ومازالت تثير جدلاً واختلافاً كبيرين، وهذا لأننا نجد أن الديمقراطية شعار يرفع على نطاق واسع مع اختلاف وجهات النظر، مما أدى إلى جعل هذه الفكرة يكتنفها الغموض، ويشتد حولها الخلاف والجدل. ولفك اللبس الذي يحيط بهذه الفكرة وتوضيح معناها، ذلك أنه لا يمكن الحديث عن تطبيق فعلي وحقيقي للديمقراطية، ما لم يتم تكريس مجموع المبادئ والمقومات والخصائص التي يتميز بها هذا المفهوم. وعليه يمكن القول أن هناك مجموعة من المبادئ والأسس التي ما لم يتم تكريسها تبقى الديمقراطية مجرد معاني جوفاء، وشعارات دون تطبيق حقيقي.
أولاً: مفهوم الديمقراطية
مثلما كانت الفلسفة اختراعاً يونانياً، فكذلك كانت الديمقراطية ابتكاراً يونانياً، فقد أخذت مكانها في اللغة الإغريقية وانتقلت منها مثل الفلسفة إلى اللغات كافة بعد ذلك، وكانت مدينة أثينا محل ميلاد الديمقراطية، فقد لعبت دوراً فعالاً في إنماء ونضج الديمقراطية، إلى جانب الفلسفة، ومن أبرز مظاهر الارتباط بموطن الاختراع، أن الفلسفة اليونانية بلغت أوج ازدهارها في ظل سيادة الديمقراطية في أثينا.
فلفظة الديمقراطية تختلف من لغة إلى أخرى، إلا أنها في الأساس تعود إلى اللغة اليونانية القديمة وهي مكونة من مقطعين "Demos" وتعني " الشعب"، وكلمة "Kratos" أي " حكم " أو "سلطة"، وبذلك تصبح الكلمة: "Demoskratos" أي " حكم الشعب".
وعليه يمكن القول أن لفظة " ديمقراطية" أصلها كلمة يونانية مركبة في لفظين، ونلاحظ أن هذه اللفظة قد تمت استعارتها واستعمالها في باقي اللغات الأخرى ومنها العربية. أما إذا بحثنا في التعريفات التي جاء بها الفقهاء للديمقراطية فلا مجال لتعدادها أو حصرها، ولكننا حاولنا تصنيفها إلى مجموعات تتفق أو تدور حول فكرة معينة، ونتولى كلا منها بالتحليل والمناقشة والنقد، بغية الوصول إلى تعريف جامع مانع لهذه الفكرة.
بحيث نجد أن هناك التعريف الكلاسيكي للديمقراطية أنها " حكم الشعب"، أو حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه، فالسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية منبثقة من الشعب، وتحكم أيضاً باسم الشعب، والشعب باختياره يقوم بتنصيب حكامه.
وبعبارة أخرى أكثر اختصاراً يعرفها البعض أنها حكومة الشعب بواسطة الشعب، وهو المعنى نفسه الذي قدمه أحد رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن الـــــ 18، وهو الرئيس إبراهام لنكولن بقوله: "الديمقراطية هي حكم الشعب بواسطة الشعب ولأجل الشعب".
الملاحظ أن التعاريف السابقة تركز على اعتبار الديمقراطية مصدرها الشعب كونها تمارس من طرفه في مواجهة الشعب من أجل تحقيق أهداف تعود للشعب ذاته، وتجدر الإشارة إلى أن المقصود هنا بحكم الشعب هو الشعب بالمفهوم السياسي، أي مجموع الأفراد التي تتوافر فيهم شروط الناخب، أي مجموع الناخبين في الدولة، فهذا الأخير هو الذي يمارس الحكم من أجل تحقيق أهداف تعود على الشعب بالمفهومين السياسي والاجتماعي.
لكن هذه التعاريف الكلاسيكية واجهت جملة من الانتقادات التي يمكن إيرادها فيما يلي:
- النقد الذي يوجه لهذا التعريف أن هذا الأخير يجعل استصدار كافة القوانين والقرارات الخاصة بإدارة شؤون الدولة بإجماع آراء المواطنين، وهذا الكلام إذا كان يبدو مقبولاً من الناحية النظرية إلا أنه عملياً غير قابل للتطبيق، وهذا لأن القوانين والقرارات تحتاج إلى كفاءات وخبرات معينة، قد لا تتوافر في مختلف فئات الشعب هذا من جهة، ومن جهة ثانية هذا الأمر صعب التطبيق من الناحية العملية لصعوبة الحصول على إجماع كافة المواطنين على كل ما يصدر في الدولة في قوانين وقرارات، كما أن هذه الطريقة ستؤدي إلى تعقيد وطول إجراءات إصدار أي قانون أو قرار في الدولة.
بالتالي فالديمقراطية لم تبلغ غايتها المثالية بعد وهي " حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب" بل هي لم تحقق بعد حكم الشعب، بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما هي كما دعاها روبرت دال نظام حكم الكثرة، لذلك فإن الممارسة الديمقراطية حالياً ليست سوى نفي حكم الفرد المطلق، وحكم القلة، وتجاوزهما إلى تحقيق حكم الكثرة، الساعي للوصول إلى حكم الشعب. وعليه فأن تعريف الديمقراطية بأنها حكم الشعب بواسطة الشعب وللشعب لا يطابق الحقيقة، ومن ثم فقد استبدل روسو قاعدة الإجماع بقاعدة الأغلبية، وقاعدة الإجماع وإن كان تطبيقها ضماناً تاماً لاحترام الحريات الفردية إلا أنها مستحيلة من الناحية العملية، ولذلك فإن قاعدة الأغلبية من الأمور المقبولة عقلاً وعملاً.