الازدواجية اللغوية

اللغة العربية الفصحى/ اللغة الفرنسية

ارتبط ظهور هذا النّوع من الازدواجية بوجود الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وتعدّ هذه الازدواجية مظهرا من مظاهر الصراع اللغوي في الجزائر، بحكم أنّ وجود اللغة الفرنسية لا يرتبط بمرجعية دينية أو اجتماعية، أو أهلية عرقية إنّما يرتبط بوجود الاستعمار الفرنسي، وفرض هذه اللغة بالقوة على السّكان الجزائريين إبان الاحتلال، والأمر الذي جعل اللغة الفرنسية تنافس اللغة العربية، وتحظى بمكانة تضاهي مكانة اللغة العربية في المجتمع الجزائري، وجعل مفهوم الازدواج اللغوي يرتبط باللغة العربية واللغة الفرنسية.

وقد سارت هذه المزاوجة اللّغويّة (عربية/ فرنسية) في الاتجاه السياسي، وأصبح لها أنصار ودعاة يحمونها، يثبتون وجودها في المجتمع الجزائري بكل مؤسساته، مما أدى إلى ظهور طائفتين اثنتين: 8[1]

_تيار عروبي: وهو التّيار المحافظ، المتمسك بالقيم العربية والاسلامية، يدعو إلى اعتماد اللغة العربية وحدها، ويرفض كل ما له علاقة باللغة أو الثقافة الفرنسية، رافضا لكل أنواع الازدواجية اللّغويّة، سواء كان بين العربية والفرنسية، أو بين العربية ولغة أخرى، ويعدّ أحمد طالب الإبراهيمي من رواد هذا الاتجاه، حيث يقول متحدثا عن الازدواجية اللغوية: "...فإذا كان المقصود بذلك هو الازدواجية العقائدية التي تتخذ اللغة العربية أداة التّعامل بين العوام والجماهير الشّعبية، وتجعل من اللغة الفرنسية لغة المدرسة والنّخبة المثقفة، فإنّنا لا نرضى بذلك لأنّ هذه الازدواجية التي يَدَّعي البعض بأنّها تمثل الواقع الثّقافي في الجزائر، وتعتبر عندنا من الاختبارات الأساسية مثل هذه الازدواجية لا تستند إلى دليل من المنطق القويم والعقل السليم" 9[2] فاللغة العربية حسب هذا التّيار لغة مقدسة، ولغة شرعية لا يجب أن تنافسها أيّة لغة مهما كان نوعها.

_تيار مفرنس: ويرى أنصار هذا التيار أنّه لابد من الإبقاء على اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية، باعتبار أنّ اللغة الأجنبية عموما، واللغة الفرنسية على وجه الخصوص، هي بالنّسبة للجزائر بمثابة المنفذ الذي يمكن من خلاله الانفتاح على العالم، وعلى الحضارة، حيث يرى أصحاب هذا الاتجاه أنّ "الجزائر استقلت، ولم يكن للعربية وجود في المدرسة الجزائرية، وإنّ اللغة التي كانت مستعملة، وكان يفهمها الشّعب الجزائري هي اللغة الفرنسية، ويضيفون إلى هذا، أنّ هذه الأخيرة متطورة جدا، وصالحة للفنون والعلوم في حين أنّ العربية لاوجود لها، وهي متأخرة وعاجزة عن إحداث نهضة ثقافية وعلمية في بلادنا" 10[3]، وإنّ ظهور هذين التّيارين وتمسك كل واحد منها برأي زاد من شدّة الصراع القائم بين اللغتين العربية والفرنسية، وتعدّ هذه الازدواجية اللّغويّة بين العربية والفرنسية، أحد أهم مظاهر التّداخل اللّغوي في الجزائر، ولها تأثيرات كبيرة على تعليم اللّغات في المدرسة الجزائرية، بحكم التّداخلات القائمة بين اللّغتين والتّأثيرات المتبادلة بينهما، مما انعكس على تعلّم التّلميذ للغات الأجنبية _الفرنسية_، وتعدّ هذه التأثيرات المتبادلة بين اللّغتين والتّداخلات الحاصلة بينهما، وأثرها على تعلّم الطفل للغة الفرنسية.

  1. 8

    ينظر: ربيحة وزان، أثر الواقع اللغوي للمجتمع الجزائري في تعليمية اللغة العربية الفصحى _دراسة اجتماعية_، ص29.

  2. 9

    أحمد طالب الإبراهيمي، من تصفية الاستعمار إلى الثورة الثقافية، تر: حنفي عيسى، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر، (د. ط)، 1972م، ص162.

  3. 10

    محمد مصاريف، في الثورة والتعريب، الحركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، ط2، 1981م، ص101.

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)