نطاق تطبيق القانون الجنائي
تطبيق القانون الجنائي من حيث الزمان
القاعدة أن القانون الجزائي لا يسري إلا على الوقائع التي تحدث في ظل سريانه ، أي لا يطبق على الوقائع التي ترتكب في الماضي و ما يطلق على هذه القاعدة بعدم رجعية القانو ن حيث كرس المشرع الجزائري هذا المبدأ في نص المادة 2 من قانون العقوبات الجزائري حيث تنص على : { لا يسري قانون العقوبات على الماضي ...}
كما جاء على هذا المبدأ أيضا في الدستور بموجب المادة 46 حيث تنص على : { لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل إرتكاب الفعل المجرم }
وعليه فالقانون الجزائي طبقا للنصوص السابقة الذكر لا يسري على الأفعال التي إرتكبت في الماضي
فالنّص الواجب التّطبيق على الجريمة هو النّص المعمول به لحظة ارتكابها وليس النّص المعمول به وقت المحاكمة وتستند هذه القاعدة لنص المادة 2 من قانون العقوبات الجزائري.
ويستتبع لذلك القول بأنّه لا يجوز أن يطبق نص التّجريم على فعل ارتكب قبل العمل به وكان مباحا في ذلك الوقت، كما أنّه لا يجوز أن يطبق نص التّجريم على فعل ارتكب قبل العمل به وكان معاقبا عليه بعقوبة أشد ممّا يقضي به النّص الجديد.
وهذه القاعدة مستمدة من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ذلك لأنّ هذا المبدأ لا يتطلب نصا يجرم الفعل المرتكب، فإذا طبق على الفعل نص لم يكن ساريا وقت ارتكاب الفعل فمعنى ذلك تقرير عقاب على فعل بمقتضى نص لم يكن ساريا وقت ارتكابه وهو إخلال بمبدأ شرعية الجرائم. على أنّ قاعدة عدم رجعية النّصوص القانونية ليست مطلقة فالنّصوص الأصلح للمتهم لا تخضع لها كما أنّ النّصوص التّفسيرية لتّشريع لا تخضع لها أيضا، والنّصوص التّفسيرية للتشريع هي النّصوص التي لا يستهدف بها المشرع إضافة لأحكام جديدة أو تعديل أحكام قائمة وإنّما يستهدف بها مجرد توضيح نصوص سابقة والنصوص التّفسيرية تلحق بالنّصوص السابقة التي صدر تفسيرا لها وتندمج فيها، ويترتب على ذلك سريانها على كل ما تسري عليه هذه النّصوص.
ولا يحول ذلك كون النّصوص التّفسيرية تقرر تفسيرا أشد على المتهم ممّا كان يذهب إليه القضاء ولو كان من نتائج التّفسير الجديد أن يتسع نطاق النّص إلى ما لم يكن يتسع له طبقا للتّفسير القديم، ولا يعتبر ذلك استثناءًا طالما أنّ القانون التّفسيري لا يضيف قواعد تجريم ولا يشدد العقاب الذي كانت تقرره القواعد السابقة.
-تطبيق القاعدة: إنّ تطبيق القاعدة يقتضي تحديد وقت العمل بالقانون وتحديد وقت ارتكاب الجريمة، فبالنّسبة لتحديد وقت العمل بالقانون فإنّه لا يثير أي مشكلة لأنّه كما سبق وأن أشرنا فإنّ الدستور هو الذي يحدده، أمّا وقت ارتكاب الجريمة، فهو وقت ارتكاب الفعل المكون لها وليس وقت تحقيق النتيجة.
-الاستثناء من قاعدة عدم رجعية النّص الجنائي: ونقصد بها رجعية النّص الأصلح للمتهم واستثناء من قاعدة عدم رجعية النّص الجنائي فقد نصت المادة 2 من قانون العقوبات الجزائري على أنّه: "لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدّة".
"لا يسري قانون العقوبات على الما إلا ما كان منه أقل شدة وبذلك فإنّ قاعدة عدم رجعية النّص الجنائي يقتصر تطبيقها على النّص الذي يجعل من فعل مباحا جريمة أو الذي يشدد من عقاب فعل كان معاقبا عليه من قبل بعقوبة أخف.
وتطبيقا لذلك فإذا ارتكب شخصا فعلا يعاقب عليه وقت ارتكابه ثم صدر قانون أخر نفى الصّفة الإجر...... الفعل أو قرر عقوبة أخف طبق القانون الجديد على المتهم.
وإذا كان أساس قاعدة عدم رجعية النّص الجنائي يكمن في مبدأ الشرعية باعتبار أنّ الفعل يعتبر جريمة أو غير جريمة طبقا للقانون النافذ وقت ارتكابه وعلى ذلك فإنّ نصوص التّجريم لا تسري إلا على الأفعال التي وقعت بعد نفاذها.
*شروط تطبيق مبدأ رجعية القانون الأصلح للمتهم:
- التّحقق من صلاحية القانون الجديد للمتهم.
-ألا يصدر القانون الجديد قبل صدور حكم نهائي على المتهم.
- ألا يكون القانون القديم من القوانين المحددة الفترة
تطبيق القانون الجزائي من حيث المكان
ترتكز مبادئ تطبيق النّص الجنائي من حيث المكان على أربعة قواعد أساسية:
-إقليمية النّص الجنائي: ونعني بالإقليمية أن يطبق النّص الجنائي الجزائري مثلا على كل جريمة ترتكب في الإقليم الخاضع لسيادة الدولة الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبها.
-شخصية النّص الجنائي:ونعني بها تطبيق النّص الجنائي الجزائري على كل جريمة يرتكبها جزائري أيا كان إقليم الدولة الذي ارتكب فيه جريمته.
-عينية النّص الجنائي: ويقصد بها تطبيق النّص الجنائي الجزائري على كل جريمة تمس الحقوق الأساسية للدولة الجزائرية أيا كان إقليم الدولة الذي ارتكبت فيه جريمته.
-عالمية النّص الجنائي: ونعني بذلك أن يطبق النّص على كل جريمة يقبض على مرتكبها في إقليم الدولة الجزائرية أيا كانت جنسية ومكان الجريمة.
على أنّ التّشريع الجزائري لا يلجأ إلى مبدأ واحد من هذه المبادئ وإنّما يستعين بمعظم هذه المبادئ على أنّ المبدأ الرّاجح والذي يعتبر بحق هو المبدأ الأساسي في تطبيق النّص الجنائي من حيث المكان هو مبدأ إقليمية النّص.