تقسيم القانون بحسب العلاقة التي ينظمها
يقسم القانون من حيث طبيعة العلاقات القانونية التي ينظمها إلى قانون عام وقانون خاص.
معايير التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص
اختلف الفقه في تحديد أساس التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص ، ظهرت ثلاثة معايير ،صيغة القاعدة القانونية، معيار الأشخاص أطراف العلاقة ، معيار المصلحة (4)[1] .
• معيار طبيعة القواعد القانونية:
يرتكز أنصار هذا المعيار على فكرة سهلة للتمييز بين القانون العام والخاص القانونية، فالقانون العام قواعده آمرة لا يجوز للأفراد مخالفتها في حين قواعد القانون الخاص مكلمة يجوز للأفراد الخروج على أحكامها عن طريق الاتفاق على مخالفتها.
انتقد هذا المعيار على أساس أنه إن كانت قواعد القانون العام كلها آمرة فإن قواعد القانون الخاص ليست كلها مكملة، فهي كذلك تتضمن العديد من القواعد الآمرة التي لا يجوز للأشخاص الاتفاق على مخالفتها.
• معيار صفة أطراف العلاقة:
فحسب أنصار هذا المعيار إذا كان أطراف العلاقة القانونية الدولة أو أحد فروعها تكون بصدد القانون العام أما إذا كان أطراف العلاقة أشخاص القانون الخاص نكون بصدد أحكام القانون الخاص .
لكن ما يعاب على هذا المعيار أن الدولة عند قيامها بتصرفاتها ونشاطها لا تتدخل بصفة واحدة،وأنما يمكن أن تكون في بعض الأحيان حاملة للسيادة والسلطة العامة وفي أحيان أخرى بدونها أي بصفتها شخصا عاديا،وفي هذه الحالة لا تخضع لأحكام القانون العام وإنما لأحكام القانون الخاص وعليه فمعيار أطراف العلاقة لا يصلح لأن يكون معيارا حاسما للتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص.
• معيار طبيعة المصلحة المراد تحقيقها:
وفق هذا المعيار فإن القانون العام يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة والقانون الخاص يهدف لتحقيق المصلحة الخاصة. وهذا المعيار كذلك انتقد على أساس عدم وجود حدود فاصلة بين ما يعتبر من المصلحة الخاصة وما يعد من المصلحة العامة. لأنه حتى قواعد القانون الخاص تهدف في النهاية إلى تحقيق المصلحة العامة،كذلك لا يمكن لقاعدة قانونية أن تسعى إلى تحقيق مصلحة خاصة إذا كانت تتعارض مع المصلحة العامة للجماعة. وبهذا لا يعتبر هذا المعيار فاصلا في التمييز بين القانون الخاص والقانون العام.
• المعيار الراجح للتمييز بين القانون الخاص والقانون العام.
أهم معيار اقترحه الفقه واعتبر الأرجح هو معيار صفة أطراف العلاقة وربطه بعنصر السيادة أو السلطة وعلى أساسه تعتبر القانون عاما إذا كانت الدولة طرفا في العلاقة القانونية باعتبارها صاحبة سيادة كفرض ضرائب معينة على الأشخاص ، أما القانون الخاص فيتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات الأشخاص بعضهم ببعض وبينهم وبين الدولة باعتبارها شخصا عاديا أي أن الدولة في هذه الحالة لا تتعامل بصفتها صاحبة سيادة إبرام عقود إيجار أو ممارسة نشاطات تجارية.
فروع القانون العام
ينقسم القانون العام إلى قانون عام خارجي يسمى بالقانون الدولي العام، وإلى قانون عام داخلي يتفرع بدوره إلى عدة قوانين (5)[2]:
القانون الدولي العام:
وهو " مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات الدول ببعضها في وقت السلم والحرب، وعلاقاتها بالمنظمات الدولية، وعلاقات المنظمات الدولية ببعضها".
القانون الدستوري :
هو القانون الأساسي في الدولة، ويحتل أعلى درجة في الهرم القانوني ويضم مجموعة من القواعد التي تبين نظام الحكم والسلطات العامة في الدولة، والهيئات التي تمارسها واختصاصاتها وعلاقتها ببعضها البعض، كما يبين الحريات العامة للأفراد وواجباتهم .
القانون الإداري:
يتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم آليات قيام السلطة التنفيذية بأداء وظائفها الإدارية المختلفة، وتبين كيفية إدارة المرافق العامة و الموال العامة، وكذلك تلك التي تحدد علاقة الدولة بموظفيها وتتناول نشاط الإدارة وما يصدر عنها من قرارات إدارية وما تبرمه من عقود إدارية.
كما ينظم القانون الإداري أسس الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ويحدد طريقة ممارسة هذه الرقابة بواسطة الجهات القضائية المختصة القضاء الإداري أساسا وفي حالات خاصة القضاء العادي.
القانون المالي:
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم مالية الدولة: تحديد مصروفاتها، وجوه إنفاقها، الدفاع ، الصحة، التعليم... بيان إيراداتها: الضرائب، الأموال التي تحصلها مقابل خدمات تؤديها، فوائد إدارة أملاكها الخاصة، القروض التي تلجأ إليها الدولة لسد العجز في ميزان المدفوعات، أو لإنشاء مشاريع؛ والقانون المالي يعتبر حديث النشأة لأنه كان سابقا مندمجا في القانون الإداري. [3]
القانون الجنائي:
يتضمن مجموعة القواعد القانونية التي تسن حق الدولة في العقاب ومتابعة مرتكبي الجرائم، وهو يشمل نوعان:القواعد الموضوعية: توجد في قانون العقوبات الأخرى المتصلة به مثل: قانون الفساد، قانون تبييض الأموال، قانون التهريب وغيرها،والقواعد الإجرائية:توجد في قانون الإجراءات الجزائية.
ويشمل قانون العقوبات قسمين، قسم عام وقسم خاص ، يتضمن القسم العام القواعد العامة للمسؤولية الجنائية ،يبين أركان الجريمة يقسم الجرائم حسب خطورتها ويحدد أنواع العقوبات. أما القسم الخاص فيتضمن القواعد القانونية المطبقة على كل جريمة على حدى ، فيقسم الجرائم ، إلى جرائم واقعة على الأشخاص وجرائم واقعة على الأموال .
في حين يتضمن قانون الإجراءات الجزائية القواعد القانونية الإجرائية والشكلية الواجب إتباعها لتطبيق أحكام القانون الجزائي ويحدد إجراءات ضبط المتهم والتحقيق معه ومحاكمته ،كما يتناول طرق الطعن في الأحكام وتنفيذ العقوبات ،وينظم كذلك تشكيلة وصلاحيات السلطة المختصة بالقيام بهذه الإجراءات .
فروع القانون الخاص
يتضمن القانون الخاص الفروع التالي (6)[4] [4]
• القانون المدني:
هو أم فروع القانون الخاص، ولذا يلجأ إليه القاضي متى لم يجد نصا ينظم المسألة في أي فرع من فروع القانون الخاص، ويعتبر الشريعة العامة في علاقات القانون الخاص؛ وينظم القانون المدني علاقات الفرد بأسرته ويطلق عليها"الأحوال الشخصية" وتسمى عندنا في الجزائر " قانون الأسرة"، وفي المغرب" مدونة الأسرة " ويدخل فيها: القواعد الخاصة بأهلية اكتساب الحقوق، القواعد الخاصة بالزواج، الطلاق، النسب، النفقة الميراث، والتي استقل بها عندنا قانون الأسرة؛كما ينظم علاقات الفرد المالية ويطلق عليها " الأحوال العينية" مثل القواعد الخاصة بالالتزامات المالية المختلفة مثل: العقود( البيع، الإيجار، الرهن..).
• القانون التجاري: هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية التي تنظم المعاملات التجارية، فيتضمن القواعد الخاصة بتعريف التاجر، تحديد الأعمال التجارية، وكل ما يتعلق بالنشاط التجاري مثل إفلاس التاجر....والقانون التجاري يعتبر أيضا من التقنينات الحديثة لأنه كان في السابق مجرد باب من أبواب القانون الأم القانون المدني؛ لكن نظرا لتطور النشاط التجاري وتشعبه لم تعد قواعد القانون المدني العادية قادرة على ضبط لما يتميز به من خصوصية: السرعة والثقة.
• القانون البحري: مجموعة القواعد القانونية التي تنظم نشاط الملاحة البحرية، حيث يتناول السفينة من حيث شروط بنائها وتجهيزها، ومسؤولية مالكها والتأمين عليها... كما يتناول مختلف النشاطات الملاحة البحرية كتأجير السفينة، نقل المسافرين والبضائع والالتزامات والحقوق التي تنشأ عن ذلك، ويستمد كثيرا من قواعده من الاتفاقيات الدولية.
• القانون الجوي: مجموعة القواعد القانونية التي تنظم نشاط الملاحة الجوية، ويتضمن الشروط المتعلقة بالطائرة، ومسؤولية مالك الطائرة، ومتى يعفى من المسؤولية، التأمين، الضمان،...
• قانون العمل:
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقات العامل برب العمل في نطاق العمل مقابل أجر، وقد ظهر هذا القانون كرد فعل لضغط التيارات الاجتماعية ضد الطبقة البرجوازية، فتدخل المشرع لحماية العمل من تعسف وظلم رب العمل وكان من نتائج ذلك أن ظهرت عدة أفكار لصالح الطبقة العاملة من أهمها: تحديد ساعات العمل، الحق في العطلة، التعويض في إصابات العمل، الحق في التأمين، الحق في التقاعد...
قانون الإجراءات المدنية والإدارية:
ويشتمل على مجموعتين الأولى منهما: تبين القواعد المنظمة للسلطة القضائية من حيث بيان أنواع المحاكم وتشكيلها، اختصاص كل منها، الشروط الواجب توافرها في تعيين القضاة، حقوقهم وواجباتهم، وتسمى هذه المجموعة ب" التنظيم القضائي"؛ والمجموعة الثانية: وهي القواعد التي تبين الإجراءات الواجب إتباعها لرفع الدعوى، شروط الدعوى، تنازع الاختصاص، وسائل الدفاع والإثبات، الاستعجال....
• القانون الدولي الخاص:
هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات ذات الطرف الأجنبي، وذلك ببيان المحكمة المختصة بالفصل فيها والقانون الواجب التطبيق؛ وتكون العلاقة ذات طرف أجنبي إذا كان أحد طرفيها أو كلاهما أجنبيان، ومن أمثلته زواج جزائري بفرنسية، أو تعاقد أجنبيين في الجزائر.