المجال البحري.

يعتبر المجال البحري محل خلاق عند فكرتين متعارضتين أو اتجاهين متعارضين حيث يرى أصحاب الاتجاه الأول بضرورة حيازة الدولة على السيادة على البحار وبسط سيادتها عليها، فيما يرى الاتجاه الثاني بأن البحار حرة، ولا يمكن السيطرة عليها من أي طرف.

الا أن هذا الخلاف بدأ يتضاءل عبر مرور الزمن ونظرا لتطور المجتمع الدولي وتبعا لمصالح وحاجات الدولة البحرية الكبرى حيث استقر الموقف على التمييز بين أعالي البحار والبحر الاقليمي المتمثل في حزام بحري محاذ لشاطئ الدولة الساحلية يعتبر جزءا من اقليمها ويخضع لسيادتها ويسود أعالي البحار مبدأ الحرية للجميع.

تعيين خط الأساس الذي يبدأ منه قياس المجالات البحرية الوطنية:

لتعيين خط الأساس أهمية كبيرة تكمن في أنه يمثل نقطة البدء لاحتساب المجالات البحرية للدولة، كما انه الفاصل الذي يميز بين المياه الاقليمية والمياه الداخلية التي يحصرها مع اليابسة.

وهناك عدة أساليب لتعيين خط الاساس يمكن تناولها في عدة نقاط:

- خط انحسار المياه:

حيث جرى العمل على أن خط انحسار المياه وقت الجزر على طول الشاطئ يمثل الاساس العادي لقياس عرض المياه الإقليمية، حيث أن علامة انحسار المياه وقت الجزر المعاكسة لعلامة ارتفاعها وقت المد هي التي تبنتها الدول بصورة عامة في ممارستها لقياس عرض بحرها الاقليمي.

- الخطوط المستقيمة:

يعتمد على هذه الطريقة في حالة وجود تعاريج مليئة بالانحناءات وبروز أو تناثر جزر صغيرة على طول الشاطئ، حيث يتكون خط الأساس من خطوط مستقيمة تصل بين الرؤوس البارزة أو نقاط البروز للجزر القريبة.

- تعيين خط الأساس في بعض الحالات الخاصة:

تختلف طرق تعيين خط الأساس في بعض الحالات الخاصة كالخطاب والموانئ والجزر والأنهار والمرتفعات التي تنحسر عنها المياه وقت الجزر، فضلا عن الأحكام الخاصة بالأرخبيلات.

تعيين الحدود الخارجية للمجالات البحرية الوطنية:

- تحديد البحر الاقليمي والمنطقة الملاصقة:

- تحديد البحر الاقليمي:

تمارس الدولة الساحلية باعتراف الفقه والقضاء، وبحكم القانون والعمل الدولي سيادة على حزام بحري متاخم لشاطئها يعرف بالبحر الاقليمي وما يعلوه من هواء، وكذلك قاه البحر وباطن أرضه وهذا ما قررته اتفاقية جنيف للبحر الاقليمي سنة 1958م.

- المنطقة المتاخمة:

ان فكرة المنطقة المتاخمة للبحر الاقليمي وليدة الضرورة العملية لحماية بعض مصالح الدولة الساحلية خاصة بالنسبة للمسائل الجمركية والمالية والصحية والأمنية التي لا تتوفر لها حماية فعالة اذا اقتصر نشاط الدولة الساحلية لحمايتها على امتداد البحر الاقليمي الذي كان ثلاثة أميال فحسب، بالإضافة الى ذلك تم اضافة منطقة من البحر العالي لتمارس الدولة الشاطئية عليها بعض حقوق الرقابة الضرورية لحماية مصالحها الجوهرية.

- تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة:

المنطقة الاقتصادية الخالصة هي أهم أوجه التحديد في القانون الدولي للبحار، الذي جاءت اتفاقية 1982 تجسيدا وتقنينا له فما كانت بمثابة نوع من التوفيق بين المبالغة في الادعاءات على مد السيادة الاقليمية على مسافات مترامية من البحار. حيث عرفت حسب اتفاقية قانون البحار لسنة 1982، المادة (55) منه على أنها مجال بحري يقع وراء البحر الاقليمي وملاصقة له، ويحكمها نظام قانوني مميز كما هو مقرر في هذه الاتفاقية التي تحدد حقوق الدولة الساحلية وولايتها وحريات الدول الأخرى.

حيث تحدد المادة (57) مجالها ب 200 ميل بحري من خطوط الاساس التي يقاس منها عرض البحر الاقليمي وعرض المنطقة الاقتصادية 188 ميل بحري ابتداءا من الحد الخارجي للبحر الاقليمي الذي تمارسه عليه الدولة الساحلية سيادتها.

- تحديد الجرف القاري:

تحديد الجرف القاري حسب اتفاقية جنيف 1958 يتم حسب معيارا مزدوجا لتحديد يتمثل في العمق وامكانية الاستغلال، حيث تضمنت المادة (1) ان الجرف القاري هو قاع البحر والأرض الواقعة تحته في المساحات المائية خارج منطقة البحر الاقليمي الى خط منسوب عمق 200 ميل أو خلفها بقدر ما يسمح به استغلال الموارد الطبيعية لتلك المناطق.

أما الجرف القاري حسب اتفاقية قانون البحار 1982 فقد تضمنت نصا توفيقيا للاتجاهات المختلفة خاصة الدول التي لها امتدادات قارية شاسعة والتي ليس لها فقد نصت المادة (76) على أن الجرف القاري لأي دولة ساحلية يشمل قاع وباطن الأرض المساحات المغمورة التي تمتد الى ما وراء بحرها الاقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو الى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس التي يقاس منها عرض البحر الاقليمي أذا لم يكن الطرف الخارجي للحافة القارية يمتد الى تلك المسافة.

حيث تشمل الحافة القارية المغمورة الجرف والمنحدر والمرتفع القاري فإنه يجب أن لا يتجاوز الحدود الخارجية للجرف القاري 350 ميلا بحريا من خطوط الأساس وهذا لإقامة التوازن بين المصالح ولترضية الدول التي لها امتدادات قارية واسعة، حيث يتم تحديد الجرف القاري بطريقتين:

الطريقة الأولى: قياسية وهي محددة ب200 ميل.

الطريقة الثانية: جيولوجية تعتمد على عمق الحافة الخارجية للامتداد القاري، وفقا لقياسات محددة بحسب طبيعة الكتلة المغمورة ولكن في جميع الحالات لا يمتد الجرف القاري لأي دولة ساحلية الى أبعد من 350 ميلا بحريا من خطوط الاساس.

تحديد المجالات البحرية بين الدول المتجاورة والمتقابلة:

تكون مشاكل تحديد المجالات البحرية أكثر حدة بين الدول المتجاورة والمتقابلة ذلك أن الأمر لا يتعلق هنا بتحديد المساحات التي تمتد اليها سلطات الدولة الساحلية تجاه البحر المفتوح، وانما يخص تعيين الحد الفاصل بين مجالات بحرية متلاصقة وهذا يكون في حالة البحار الضيقة أو المغلقة وشبه المغلقة، وكذلك الضحلة المتواجدة بين دول متجاورة، وعليه فان المساحات المعنية هي البحر الاقليمي، الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة، ويتم تحديدها عن طريق عدة أساليب هي:

- الاتفاق:

ذلك أنه بإمكان الدول ذات شواطئ متقابلة أو متجاورة أن تلجأ الى الاتفاق لتحديد مجالاتها البحرية، كما وضعت عدة عوامل يجب أخذها بعين الاعتبار عند اجراء المفاوضات للوصول الى اتفاق الحدود.

- قاعدة خط الوسط أو الأبعاد المتساوية:

وتعتمد على القياس الدقيق، حيث تكون كل نقاطه على أبعاد متساوية عن أقرب نقاط خطوط الأساس لكل الدولتين المعنيتين بفضل خط الوسط بين الدول المتقابلة على أساس تقسيم المسافة بين ساحلي الدولتين الى مساحتين متساويتين، بينما يطبق خط الأبعاد المتساوية في حالة الدول المتجاورة التي تقع على ساحل واحد أي لها حدود جانبية حيث تبدأ من الساحل عند نهاية الحدود البرية وتمتد نحو أعالي البحار.

استقبالتطبيقات العلاقات الدولية على المجالات الدولية > المجال البحري.<سابقموالي >