المحاضرة الثالثة

المواقف المتباينة من الإحالة وموقف المشرع الجزائري

المواقف المتباينة من الإحالة

1. الموقف المؤيد: هناك مجموعة من الفقهاء الذين ايدوا نظرية الإحالة وأكدوا على ضرورة أن يعتمد القاضي على قواعد الإسناد في القانون الأجنبي الواجب التطبيق ولا يجوز له أن يقتصر على تطبيق القواعد الموضوعية وفقط وحجتهم في ذلك ما يلي:

- التأكيد على أن القانون الواجب التطبيق هو وحدة لا تقبل التجزئة، وبالتالي لابد على القاضي وقبل النظر في النزاع النظر في قواعد الإسناد الموجودة في القانون الأجنبي، وبالتالي القاضي لا يطبق القواعد الداخلية للقانون الأجنبي إلا إذا قبلت بذلك قواعد الإسناد فيه، إذا لا يمكن تطبيق قانون أجنبي خلافا لإرادة المشرع الذي اصدره وبالتالي الإحالة والأخذ بها هو احترام لقواعد الإسناد في القانون الأجنبي.

- تطبيق قواعد الإسناد في القانون الأجنبي تؤدي إلى توحيد الحلول.

- الأخذ بالإحالة من الدرجة الأولى من شأنه توسيع مجال تطبيق قانون القاضي وهو الأمر الذي يتفق مع النزعة الوطنية التي يجب أن تهيمن على حلول تنازع القوانين، وبذلك يؤدي الأخذ بالإحالة إلى تسهيل مهمة القاضي الوطني فهو يعرف قانونه أكثر من غيره.

ومن أمثلة للتشريعات التي قبلت بالإحالة ونظمتها في قوانينها الداخلية نجد بولونيا عام 1965، القانون التشيكوسلوفاكي سنه 1963، التشريع الياباني سنة 1868 أخذ بالنوع الأول من الإحالة مثل القانون الألماني والقضاء الفرنسي والانجليزي والنمساوي والبلجيكي.

2. الموقف المعارض: أما الاتجاه المعارض لنظرية الإحالة فقد تبنى وجهة نظره بناءً على الحجج التالية:

- أكد أنصار هذا الاتجاه بأن قواعد الإسناد الوطنية عندما تقرر تطبيق القانون الأجنبي المختص تعني القواعد الموضوعية فقط.

- الأخذ بقواعد الإسناد قد يجعل العلاقة دون حل في الحالة التي يتخلى فيها كل قاضي عن الحكم بذلك تصبح عبارة عن لعبة التنس.

- يترتب على الأخذ بالإحالة المساس بالسيادة الوطنية، لأن المشرع الوطني عندما يضع قواعد الإسناد فانه يرسم حدود سيادته الوطنية وبالأخذ بقاعدة الإسناد الأجنبية يعني تعطيل إعمال قاعدة الإسناد الوطنية.

ومن أمثلة التشريعات التي رفضت الإحالة بأنواعها المختلفة نجد التشريع الإيطالي سنه 1942، القانون اليوناني سنة 1946 ، التشريع البرازيلي سنة 1942، بالإضافة إلى هولندا والبلاد الإسكندنافية ومصر والعراق سوريا الأردن القضاء في لبنان والمغرب.(13)[1]

موقف المشرع الجزائري من نظرية الإحالة

اختلف موقف المشرع الجزائري من تطبيق نظرية الإحالة في القانون الدولي الخاص من فترة زمنية إلى أخرى حيث  نجد أنه في القانون المدني لسنه 1975 لم ينص هذا القانون بالقبول أو رفض الإحالة، لكن بعد تعديل القانون المدني في 20 جوان 2005 عدل المشرع الجزائري موقفه من المتشدد من الإحالة وهذا ما ظهر في المادة 23 مكرر واحد والذي تنص على ما يلي:« إذا تقرر وفقا لقواعد الإسناد الوطنية أن القانون الأجنبي واجب التطبيق فانه لا يطبق إلا أحكامه الداخلية دون تلك الخاصة بتنازع القوانين من حيث المكان، غير أنه يطبق القانون الجزائري إذا أحالة عليه قواعد تنازع القوانين في القانون الأجنبي المختص.(14)[2] »

وبالتالي تتكون هذه المادة من فقرتين الأولى في معارضة بشدة للأخذ بالإحالة أما الفقرة الثانية نلاحظ أن المشرع قد أخذ بالإحالة كاستثناء، بحيث يطبق القانون الجزائري بدلا من الأجنبي المختص، بمعنى إذا رجع القاضي الجزائري المعروض عليه النزاع إلى قاعدة الإسناد التي وجهته إلى قانون أجنبي مختص وجد فيها قاعدة تنازع تتخلى للحكم لصالح القانون الجزائري فيطبق القانون الجزائري مباشرة، بمعنى، الأخذ بالإحالة من الدرجة الأولى بصفة استثنائية وباعتبارها استثناء عن الأصل والذي هو عدم الأحد بالإحالة، وبالتالي هنا تكون الفقرة الثانية من المادة 23 مناقضة للفقرة الأولى من نفس المادة وهنا لابد من أن يكون هناك تصحيح أو تعديل لهذه المادة.

  1. الطيب زيروتي، القانون الدولي الخاص الجزائري، الجزء الأول : تنازع القوانين، مطبعة الفسيلة، الجزائر، الطبعة الثانية ، 2010.

    كتاب

  2. المادة 23 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري، 2005، طبعة 2007، ص6

    القانون المدني الجزائري

سابقسابقمواليموالي
استقبالاستقبالاطبعاطبعتم إنجازه بواسطة سيناري (نافذة جديدة)