خصائص قاعدة الإسناد.
بعد التطرق إلى تعريف قاعدة الإسناد وأهميتها في القانون الدولي الخاص، نلاحظ أن هذه الأخيرة " قاعدة الإسناد" لديها مجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من القواعد القانونية وتتمثل هذه الخصائص في ما يلي:
قاعدة وطنية
قواعد الإسناد في معظم الأحوال هي قواعد وطنية - لكن هناك بعض الحالات أين تكون فيها قواعد الإسناد دولية وهذا راجع إلى مساهمة المصادر الدولية في صياغتها-، لذلك، نلاحظ اختلاف هذه القواعد من دولة إلى أخرى بالنسبة للعلاقة الواحدة باختلاف مفهوم العدالة والاختلاف في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تسعى كل دولة لحمايتها من خلال هذه القواعد، وبما أن قواعد الإسناد هي قواعد وطنية لابد أن تتماشى مع المبادئ الدستورية للدولة التي وضعتها.
لكن هناك بعض الحالات أين عرفت الدول تعارض بين قواعد الإسناد والدستور، وكانت ألمانيا مثال عن ذلك فقد عرفت هذا النوع من التعارض بعد صدور القانون الألماني لسنة 1949 في مبدأ حق المساواة بين الرجل والمرأة والذي تعارض مع قواعد الإسناد الموجودة في القانون الدولي الخاص الألماني لسنة 1896 بخصوص قاعدة الإسناد في المادة 13 والتي تنص على: تطبيق قانون جنسية الزوج دون الزوجة، وهذا أدى إلى الطعن في عدم دستورية المادة سنه 1971 بالمحكمة الدستورية العليا والتي لم تحكم بعدم دستورية قاعدة بل قررت ضرورة احترام قواعد الإسناد والقوانين التي تشير إليها، لكن بعد أن وجهت انتقادات كثير في حالات تعارض مختلفة مما دفع المشرع الألماني إلى إصدار قانون دولي خاص جديد سنه 1986(7)[1].
قواعد غير مباشرة
عندما نسمع مصطلح قاعدة قانونية يعني أن هذه الأخيرة قد وضعت لحل المشكلة، لكن هذا يختلف مع قاعدة الإسناد التي تم تشبيهها بمكتب الاستعلامات الموجود في محطة سكة الحديد التي تقتصر مهمته على التوجيه والإرشاد فقط، إذن فهي قواعد غير مباشرة كونها لا تعطي الحل النهائي للنزاع المشتمل على عنصر الأجنبي، وبالتالي وظيفتها أنها تدل القاضي على القانون الواجب التطبيقي لحكم العلاقة المطروحة عليه، فعلى سبيل المثال، قاعدة الإسناد الخاصة بشروط الزواج الموضوعية لا تتكفل ببيان الشروط إنما تبين لنا فقط القانون الذي سيتكفل بتوضيحها مثل المادة 11 من القانون المدني والتي تنص على: «يسري على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة الزواج القانون الوطني لكل من الزوجين.(8)[2] »
مزدوجة الجانب
المقصود بخاصية الازدواجية في قواعد الإسناد هو أن قاعدة الإسناد قد تشير إلى القانون الوطني كما قد تشير إلى القانون الأجنبي، بمعنى، نفس القاعدة قد تعطي للقاضي في كل مرة حل مختلف، في قضايا الميراث التي تخضع لقانون جنسية المورث مثلا فإذا كانت جنسية المورث جزائرية في النزاع سيطبق القانون الجزائري، ولو كانت جنسيته فرنسية يطبق القاضي القانون الفرنسي وهكذا، وتطرح هذه الخاصية إشكالية مهمة فإذا أسندت قاعدة الإسناد القاضي إلى تطبيق القانون الأجنبي فهي تحمل القاضي عبئ البحث في المواد القانون الأجنبي وتطبيقه.
مثال : قاعدة إسناد مزدوجة
مثال: رجل مغربي باع لشخص فرنسي عقار في ألمانيا حدث بينهم خلاف وكلاهما متواجد في المغرب، هنا القاضي تأكد بأن العلاقة تدخل في سياق القانون الدولي الخاص وبالرجوع إلى قاعدة الإسناد الخاصة بالعقارات وجدها تشير إلى تطبيق قانون دولة مكان تواجد العقار أي القانون الألماني هنا القاضي يجب عليه أن يجتهد ويطبق القانون، يعد هذا الأمر من ناحية النظرية سهل لكن من ناحية التطبيقية أمر صعب فهل هذا القاضي لديه خلفية حول القانون الألماني أم لا
قواعد محايدة وملزمة
يقصد بقواعد محايدة أن قاعدة الإسناد تحدد فقط القانون الواجب التطبيقي بغض النظر عن مضمون القانون، بمعنى أنها تكتفي بتحقيق العدالة الشكلية من خلال إسناد العلاقة محل نزاع إلى القانون الأكثر ارتباطاً بها بغض النظر عن نتائج المادية المترتبة عن تطبيق هذا القانون.
أما المقصود بكونها قواعد ملزمة أن القاضي الذي يعرض عليه النزاع ملزم بالتقيد بالنتائج التي تعطيها له، لأنها ذات مصدر وطني يضعها المشرع الوطني فهي تعبر عن سيادة الدولة والخروج عليها وهو الخروج عن سيادة الدولة.