مقدمة

تعد قضية السرقات الأدبية من أقدم وأخطر قضايا النقد الأدبي ليس عند العرب فحسب، بل في الآداب القديمة كاليونانية والرومانية وغيرها؛ لأن الاتهام بالسرقة من المطاعن التي يسهل تناولها، فالعصر الجاهلي الذي عُرف بأصالة شعرائه واعتزازهم بشعرهم، قد عرف عنهم مثل هذا الاتفاق أو التشابه عند بعضهم؛ مما أباح للنقاد أن يتهموهم بالأخذ والسرقة. من ذلك ما ذكره "ابن قتيبة" من أن "طرفة بن العبد" أخذ من "امرئ القيس" قوله:
وقوفا بها صَحْبي عليَّ مَطيّهم يقولون: لاتهلك أسىً وتجمَّلِ
فقال طرفة:
وقوفا بها صَحْبي عليَّ مَطيّهم يقولون: لاتهلك أسىً وتجلّدِ
وها هو "حسان بن ثابت" يفخر بأنه لا يسرق من الشعراء فقال:
لا أسرق الشعراء ما نطقوا بل لا يوافق شعرهم شعري
ولعل "الفرزدق وجرير" أول من فتحا باب الكلام في السرقات الشعرية على الصعيد الفني، فقد روى "الأصمعي" قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لقيت الفرزدق في المربد فقلت: يا أبا فراس قلتَ شيئا، أحدثْتَ شيئا؟ فقال: خذ، ثم أنشدني:
كم دون مَيَّة من مستعمل قذف ومن فلاة تُستودع بها العيسُ
فقال: سبحان الله، هذا "للمتلمس"، فقال: أكتمها، فلضوال الشعر أحب إليَّ من ضوال الإبل 01[1]


